لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


الخميس، 2 دجنبر 2010


تقييم مسار الجمعية مند المؤتمر الخامس
بصدد التقييم:
تسود داخل جمعيتنا فكرة خاطئة مفادها أن تقييم تجربتنا من شأنه أن يذكي الخلافات داخلها ويعيد تجربة الحركة الطلابية.
 أولا: ليس التقييمات والنقاشات العقيمة داخل الحركة الطلابية سببا في أزمتها بل نتيجة لها. فهي تعكس بالضبط أزمة المكونات السياسية داخلها في إيجاد إجابات واضحة ومقنعة، مما ساهم في تقوية التيار الرجعي السلفي وتوسيع قاعدته وبالتالي خطورة مصير الحركة الطلابية.
ثانيا: ليس رفض التقييم سوى رفض مبدأ الديموقراطية بمعنى إشراك القواعد في اتخاذ القرار وفي تحديد الآفاق المستقبلية واستخلاص الدروس سواء من نجاحاتها أو إخفاقاتها. ويتجلى هذا بالخصوص في المعارك الوطنية وفي المؤتمر الخامس الذي لم يكن محطة فعلية للتقييم بقدر ما هيمن عليه ذلك المنطق الكلاسيكي في استعمال كل المناورات لبلوغ المقاعد القيادية. لا يعني هذا أننا ضد التقييم. فقد تعرض فرعنا لحملة شرسة مفعمة بمغالطات جسيمة لكونه كان من المدافعين الحازمين على النقاش الجماعي الديموقراطي في كل أوراقه ونشراته وقدم العديد من المقترحات العملية لإنجاحه. ومرة أخرى سيبدل قصارى جهده لكي يساهم هذا التقييم في بعث روح جديدة في نشاط جمعيتنا لكي تستعيد كفاحيتها.
تجليات الأزمة:
علينا أولا أن نقر بوضعية الأزمة التي تعيشها الجمعية. فنضالات الفروع ومبادراتها تعرف تراجعا خطيرا وتعيش في وضعية الانتظارية السلبية وبدأت تفقد قاعدتها. كما تراجع التنسيق بينها وغابت المبادرات الجهوية. وكشفت انتكاسة المعركتين الوطنيتين الأخيرتين عن بداية استنفاد المعارك المركزية –بالشكل الذي تخاض وتنتهي به- لدورها في إعطاء نفس جديد للفروع وفي خلق دينامية عامة في البلاد تفرض على الحاكمين التفاوض مع الجمعية. وقد أدى كل هذا إلى سيادة جو من الإحباط العام وبداية انحسار قاعدة الجمعية.
أسباب الأزمة:
بالطبع، تندرج أزمة جمعيتنا في سياق الوضع السياسي العام واختلال موازين القوى لصالح الطبقات الحاكمة. فقد استطاع النظام أن يضمن إجماعا جديدا حوله لما قبلت أحزاب الكتلة الليبرالية بدستور ممنوح والمشاركة في حكومة قوامها مواصلة تطبيق مخططات الإمبريالية والهجوم على مكتسبات الشرائح الواسعة من الشعب. وقد قبلت قبل ذلك باتفاقات السلم الاجتماعي التي وقعتها النقابات التابعة لها والتي تهيمن على قسط كبير من الطبقة العاملة. ولم تكن أي من مكونات اليسار الجذري قد بنت موقعا قويا داخل الحركة النقابية بشكل عام من خلال الدفاع عن الاستقلال السياسي للطبقة العاملة. وبناء تجربة كفاحية جديدة تسمح لها بالرد الحازم والمطلوب. وهكذا نجح النظام في تمرير أبشع المخططات كبرنامج التقويم الهيكلي مع كل نتائجه الاجتماعية الكارثية والخوصصة وما تعنيه من تسريحات جماعية وضرب مجانية التعليم وتكريس طابعه الطبقي من خلال «ميثاق التربية والتكوين»، الخ. وإعداد أخرى أكثر بشاعة كمشروع مدونة الشغل وإلغاء حق الإضراب والإصلاح الإداري، الخ.
كل هذه المخططات الهجومية تهدف إلى حل الأزمة الاقتصادية العامة على كاهل الطبقات الكادحة في إطار محاولة التكيف مع أثار العولمة وتخدم مصالح فئة مغلقة من الطبقة الحاكمة التي تزيد من إغنائها ونهبها لثروات البلاد. وضمن هذا الإطار تندرج سياسة الرفض الصريح التي تواجه به مطالب جمعيتنا على بساطتها. المشكل يكمن في الطبيعة الطبقية للنظام وأحزاب الكتلة الليبرالية التي تساعده في الحكومة لضمان الربح الكافي لشلة من الرأسماليين وليس في غياب الموارد المادية لتقديم تنازلات لنا ونهج سياسة تخلق مناصب الشغل.
علاوة على تدجين الطبقة العاملة تلعب سياسة السلم الاجتماعي دور آخر متمثل في إضفاء المشروعية على الهجوم على الحريات العامة وقمع جميع الأشكال النضالية والتي نشاهد تصاعدها بشكل مروع. فقد تعرضت جمعيتنا لحملة قمع ممنهجة خصوصا منذ حكومة التناوب المزعوم فيما يخص معاركها المركزية ونضالات فروعها ومتابعة المئات من مناضليها ورفض الاعتراف بها قانونيا، وذلك لتكسير عزيمتها النضالية والنيل من جماهيريتها. ويندرج طردها من المقرات والحصار الإعلامي الرهيب المضروب عليها ضمن هذا المخطط المخزني للقضاء عليها كإطار مكافح يعكر جو السلم الاجتماعي وجعلها مجرد وكالة لتلقي طلبات الشغل.
تنضاف إلى هذه الأساليب الموضوعية التي تنزل بثقلها على تجربة الجمعية أسباب ذاتية تكمن في مراكمة العديد من الأخطاء المرتبطة بالتقديرات السياسية من طرف القيادة وغياب الديموقراطية الداخلية فقد كانت القيادة المنبثقة عن المؤتمر الرابع تراهن على صعود أحزاب الكتلة الليبرالية إلى الحكومة كي تتعاطى إيجابيا مع الجمعية وحاولت أن تبدي حسن نيتها بربط المعارك المركزية بالحوار والمشاركة في مناظرة التشغيل (أنظر ورقة فرعنا «خلاصات أولية في تقييم مسار الجمعية والمهام»). ولم يجر استخلاص الدروس من تعنت الحكومة من خلال تبني خطة مركزية مبنية على تسطير مطالب دقيقة وبرنامج نضالي تصعيدي يرسم الخطوات على المدى القريب والمتوسط والبعيد وتحديد أشكال بعث دينامية متواصلة وأشكال توسيع قاعدة التضامن والمساندة الشعبية ووضع سبل فك طوق الحصار الإعلامي (أنظر ورقة «بالنقاش الجماعي الديموقراطي سندعم صرح جمعيتنا»)
ولم يقف المؤتمر الخامس على هذه الأخطاء بكل جرأة واكتفى بتسطير خطة مرحلية في غياب تقديرات سياسية واضحة واستراتيجية تقوم على الاستنهاض الدائم لطاقات المعطلين وتوسيع قاعدتها، مما قد يهدد باستمرار تدبدب المواقف إزاء هذا الإجراء الحكومي أو ذاك وسيادة منطق رد الفعل الآني.
ويزيد من خطورة هذه الأخطاء غياب الديموقراطية الداخلية وعرقلة كل المحاولات لفتح نقاش منظم وبروز ميول بيروقراطية داخل القيادة. فخلال كل المعارك المركزية كان سلوكها يتسم بالحذر إزاء كل ما يأتي من القاعدة وتعمل على احتواء المبادرات بالشكل الذي يخدم حساباتها. وليس هذا سوى مناورة خسيسة لحسم الصراع ضمنيا في ما بين مختلف التصورات لبناء الجمعية.
سيتكرس غياب الديموقراطية بشكل جلي إبان المؤتمر الخامس الذي كان مؤتمرا بيروقراطيا بامتياز والذي جرى تهييئه على قاعدة تفادي أي نقاش حقيقي. فقد أصبح الصراع على المقاعد أكثر أهمية من الصراع الطبقي لدى التيارات التي أعادت تجربتها في الحركة الطلابية بالكولسة المشؤومة.
المخرج:
تكشف بطالة حاملي الشهادات بطابعها الجماهيري والشبابي عن إحدى التجليات الأساسية، أولا، لعمق تخلف الرأسمالية المحلية وتبعيتها للامبريالية اللذين يحولان دون خلق تراكم رأسمالي كفيل باستيعاب هذا الكم المتنامي من القوة العاملة الدهنية، وثانيا، لفشل البورجوازيات الحاكمة في تقليص عميق التناقض الصارخ بين حياة البذخ والتبذير التي تعيش فيها أقلية قليلة من السكان المرتبطة أساسا بدواليب الدولة وحياة البؤس والعوز التي تتخبط فيها الأغلبية الساحقة من الشعب. وإذا وضعنا هذا في سياقه العالمي حيث تنامي البطالة والإقصاء بشكل كبير حتى في البلدان المصنعة وما ينتج عنه من احتجاجات ومقاومات، سنرى أن النضال ضد البطالة يشكل مدخلا أساسيا لتفجير التناقض بين منطق النظام الرأسمالي وتلبية الحاجيات الأساسية للسكان ووضعه محط تساؤل.
فتحت ج.و.ح.ش.م.م. أفاقا للشبيبة المتمدرسة في تجاوز وضعية اليأس والاستسلام بكونها أول إطار لخوض نضال منظم ضد البطالة في المغرب، وان كان مقتصرا على هذه الفئة من العاطلين وفجرت معاركها المتتالية في السنوات الأربع الآخر طاقات هذه الشبيبة فر رفض كل أشكال الاحتواء  سواء من طرف النظام الحاكم أو الليبراليين الذين تبينت طبيعتهم كمدافعين عن المخططات البرجوازية.
وأبان عدم الاعتراف القانوني بالجمعية والقمع المسلط عليها على قدرات الشباب في مواجهة أجهزة الدولة القمعية، وعلى الطبيعة الاستبدادية للنظام وغياب مدافع حازم على الحريات السياسية ويعبر وجود نسبة هامة من النساء داخل الجمعية عن رغبتهن في تجاوز الإطار البطريركي والحصول على استقلالهن المادي والمعنوي، كما يعبر أيضا عن ذلك التحالف الموضوعي بين النساء والشباب ضحايا الرأسمالية الأوليتين، وعن تطلعاتهما المشتركة.
تشكل تجربة ج.و.ح.ش.م.م. إذا تعبيرا حقيقيا عن الدينامية الموضوعية الواسعة التي قد تفجرها إشكالية البطالة والإقصاء والتي تجسدت في ذلك التضامن الباطني الواسع مع نضالات الجمعية وتفجيرها للتناقضات الاجتماعية في أقصى المناطق تهميشا[1]. وأدى صدى نضالاتها إلى إرساء علاقات تضامنية مع الحركات المناضلة ضد البطالة والعولمة في العالم مشكلة بذلك لبنة أولى في إعطاء مضمون ملموس لمبدأ التضامن الأممي. إذا كانت تجربة ج.و.ح.ش.م.م. قد أبانت أيضا عن غياب من يعمل على توحيدها ومركزتها في هدف سياسي واحد.
رغم زخمها النضالي، لم تستطع الجمعية أن تعبأ إلاّ قسما من مئات الآلاف من الخريجين المتمدرسين العاطلين[2]. قد يعود ذلك إلى حداثة تجربتها ولكن أساسا إلى ضيق أفق قيادتها المتتالية والذي يعكس في الأخير مستوى وعي القواعد نفسها.
فالمكونات التي تهيمن داخل الجمعية لا تملك مشروع بديل ثوري للمجتمع يكون فيه النضال ضد البطالة إحدى واجهات الصراع الطبقي. فهي لا تعمل على جعل هذه الجمعية منظمة جماهيرية كفاحية ولا على إيجاد قنوات لربط نضالاتها بنضالات الكادحين عموما. هكذا تعمل وفق منهجية التسيير اليومي ومسايرة الحركة دون أدنى مجهود لرسم خطة مستقبلية تهدف إلى تشكيل قوة فعلية تفرض تنازلات فعلية على النظام. لا بل ترسم خطوطا حمراء لمعارك الجمعية مساهمة في هزيمة العديد منها[3].
إن الجمعية توجد في وضعية جد حرجة ويهددها خطر أن تصبح إطارا بعيدا عن الطموحات الفعلية لجماهير العاطلين ويكبح تطلعاتهم، وبالتالي ضرب كل التضحيات التي قدمها مناضلوها والمكتسبات التي فرضتها. وسيتحمل المسؤولية التاريخية كل من يعرقل إرادة القواعد الفعلية لنقاش التجربة وتحديد خطة بشكل جماعي واحترام قواعد الديموقراطية.
إن الحد الأدنى للتعامل سويا داخل الجمعية هو القناعة ببناء إطار مكافح. ونحن نعيد التأكيد على تصورنا لبناء الجمعية والذي لم يخضع للنقاش بقدر ما خضع لحملة من الاتهامات البئيسة تنم عن تخلف سياسي كبير. هذا التصور الذي نجده بشكل مفصل في ورقة «من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة» (العدد الرابع من المعطل المكافح)، وفي نتائج أشغال الأيام الدراسية إعدادا للمؤتمر الوطني الخامس (عدد المعطل المكافح الخاص بالمؤتمر).
بعض المقترحات العملية:
1.العمل على تقييم مسار الجمعية الوطنية منذ التأسيس لاستخلاص دروسها ورسم الآفاق.
2.فكرة المؤتمر الاستثنائي غير صائبة في ضل وضعية الجمود الذي تعرفه الجمعية الآن.
3.العمل على بلورة موقف سياسي واضح من الدولة وحكومتها.
4.تفعيل مقررات المؤتمر الوطني الخامس بخصوص:
v      التزامات المكتب التنفيذي تجاه المجلس الوطني.
v      بخصوص صلاحيات المجلس الوطني.
v      بخصوص خطة العمل المرحلية خاصة ما يتعلق بالمعارك الوطنية والإعلام.
5.التعبئة لمعركة مركزية تكون محطة متميزة. مكانها خارج الرباط. وتحدد مطالبها في مطلب أو مطلبين وفق الظرفية. وقبل ذلك وجب إعداد خطة وطنية لتفعيل فروع الجمعية محليا تم جهويا.



[1] - أولا هناك أمثلة دالة كخريبكة وجرادة هما مدينتين عماليتين (وليس ذلك صدفة) والعيون…
[2] - لا تؤطر الجمعية سوى 3% من مجموع الخريجين العاطلين علاوة على عدم نجاحها في ضم نضالات فئات كالمكفوفين والدكاترة…
[3] - معارك : يونيو 96، أكتوبر 96، يونيو 98 ويونيو 2000.

ليست هناك تعليقات: