لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


الجمعة، 7 يناير 2011

العدد الثامن: أكتوبر 2002

المعطل(ة) المكافح(ة) نشرة داخلية يصدرها فرع آكادير للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب

العدد الثامن: أكتوبر 2002

============================

المحتويات

افتتاحية ……………………..الصفحة 0

لنواصل السير ………..…… الصفحة 1

آخر طلقات حكومة التناوب ..…..الصفحة 3

الشغل حق وليس امتياز………. الصفحة 9

===========================

افتتاحية :

إن يوم 26 أكتوبر، دخل ذاكرة المعطلين أولا كتاريخ لتأسيس جمعيتهم المناضلة وثانيا كيوم أسود في تاريخ القمع الذي يطالها ولا يزال منذ التأسيس. فالجمعية جاءت كرد فعل واع ومنظم وكفاحي على حرمان مئات الآلاف من المعطلين حاملي الشهادات من حقهم العادل والمشروع في الشغل والتنظيم. والمسيرة الوطنية الشعبية ضد البطالة بادرة أولية في تاريخ النضال الاجتماعي بالبلاد. إن هذا التاريخ رمز للرد الجماعي الضروري لصد الهجوم المتواصل على مكاسب تاريخية للطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة، انتزعت عبر نضال ضاري كلف العديد من التضحيات.

هذا، وبعد 11 سنة من النضال ضد سياسة ترفض لنا حقنا في الشغل والتنظيم وحقنا في دخل يضمن الاستجابة لأبسط حاجياتنا. تطل علينا الدولة بفضيحة اسمها «النجاة» جعلت عشرات الآلاف من المعطلين يتعلقون بالسراب، قبل أن تنكشف الخدعة. لقد اكتفينا حتى التخمة من برامج الدولة المفلسة ومن وعودها الزائفة التي لا تنتهي وحان الوقت لنصرخ بكامل قوانا لنقول كفى.

فلنفتح الطريق أمام معارك مركزية جبارة من أجل خلق مناصب شغل إضافية بالميزانية الحالية بما يسمح بامتصاص فعلي لجزء مهم من البطالة ومن أجل تعويض عن البطالة لا يقل عن الحد الأدنى للأجور.


لنواصل النضال حتى الاعتراف القانوني بالجمعية والاستجابة لمطالبها

تأسست جمعية المعطلين يوم 26 أكتوبر 1991 كجمعية للنضال من أجل الشغل، وكان مطلبها الأساسي بالإضافة إلى الاعتراف القانوني هو تخصيص مناصب بالوظيفة العمومية للجمعية. هكذا نشأت الجمعية فئوية (المعطلين حاملي الشهادات) وبهدف واحد (الشغل). وتعد الجمعية أول إطار لخوض نضال منظم من أجل الحق في الشغل والتنظيم وهي من فتحت آفاقها للشباب المعطل في مواجهة وضعية الإقصاء والتهميش. إنها مكسب تاريخي مهم يجب تقويته وإعطاء المصداقية لمقترحاته.

لم يأتي هذا الإطار من عدم، فبوادره الأولى ترجع إلى نضال لجان حاملي الشهادات (المجازين) مند أواسط الثمانينات، كما أن سياق تأسيسه كان مطبوعا بصعود وتيرة النضال الاجتماعي سواء الجمعوي الحقوقي أو الطلابي أو العمالي.

تأسست الجمعية بحضور 70 لجنة محلية وضعت على عاتقها بناء إطار مناضل يقوم على المبادئ التالية: الجماهيرية والديموقراطية والاستقلالية والتقدمية. لقد كان الرهان كبيرا حيث بلور المؤتمر التأسيسي عدة أفكار يمكن إجمالها في: - ضرورة العمل على لف جماهير المعطلين حاملي الشهادات حول هذا الإطار- حمل الدولة على الاعتراف القانوني بالجمعية- العمل على إسماع صوت الجمعية والاستجابة لمطالبها.

إن تأسيس الجمعية يعبر عن رفض وضعية غير محتملة. وهو إعلان عن إفلاس سياسة الدولة القاضية بوقف التوظيف بالوظيفة العمومية وعن عجز القطاع الخاص المزمن عن التشغيل وعن رفض انتشار الفساد والرشوة وعلاقات الزبونية والمحزوبية.

بعد 11 سنة من النضال تكون الجمعية قد كرست ثقافة احتجاجية ومطلبية فريدة. لكن استمرار عزلتها وتراجع مكاسبها يهدد تطورها. لقد أصبح واضحا أن الجمعية لن تستطيع لوحدها فرض تنازلات فعلية على الدولة وأنها عاجزة عن صد الهجوم على إحدى المكاسب التاريخية للجماهير الشعبية التي تشكلها الوظيفة العمومية.

يعتبر الجزر العام لنضال الحركة العمالية معيقا موضوعيا أمام بناء كفاحي وديموقراطي للجمعية ودون تجاوز هذا الضعف لن تتمكن الجمعية من التقدم نحو بلورة منظور شمولي للمساهمة في النضال ضد البطالة. ينضاف لدلك تقل قاعدتها الاجتماعية الخاصة (معطلون بدون دخل ومن وسط اجتماعي فقير يبحثون عن مكان داخل المجتمع هنا والآن) التي لا تسمح ببلورة تصور شامل للنضال ضد البطالة (أشكاله وطرق التنظيم والمطالب والشعارات) وهذا ما يؤكده التنافر الصارخ بين أدبيات الجمعية وممارستها.

دون تجاوز ضعف الوعي لدى المعطلين بقضيتهم وبدون دخول المعنيين الآخرين ساحة النضال ضد البطالة وبدون تجاوز شتات نضال حاملي الشهادات وبدون استراتيجية النضالية مضادة للقمع وبدون دعم شعبي وأممي فإن الجمعية تنفتح على أزمة غير مسبوقة.

يجب لمنع سيرورة التراجع النضالي للجمعية تقوية كل الوسائل التي تسمح برفع الوعي النضالي لدى القواعد بالانفتاح على شراكة قصوى مع باقي الحركات المناضلة محليا ودوليا. من هنا ضرورة صيانة وتقوية الديموقراطية الداخلية والعمل على إنجاح التجربة الإعلامية للجمعية وتثبيت مبدأ التعددية عبر القبول بالتواجد النضالي الكثير التنوع داخل الجمعية وتكريس مبدأ التوجه الكفاحي، أو التوجه نحو الفعل النضالي الميداني لتجسيد الوفاء بين الأقوال والأفعال.

سيسمح العمل بهذه المبادئ بإعطاء الحملات المركزية المقبلة للجمعية قوة بدونها لن تتمكن من تكسير الطوق الحالي الذي يحاصرها من كل جانب.


آخر طلقات حكومة التناوب

تقديم:

تعني البطالة باختصار استحالة إشباع أي من حاجياتنا الاجتماعية الأساسية… ويشمل هذا الوحش الرأسمالي قاعدة اجتماعية عريضة، والشباب والنساء بشكل خاص.

لقد عملت الدولة التبعية في المغرب على تطبيق سياسة تراجعية لحل معضلة البطالة مند النصف الثاني من الثمانينات دون أن تجد لها حلا، حيث لا ينفك حجمها والفئات التي تطالها يتزايدان. من جهة أخرى كشف ويكشف نضال المعطلين بكل أصنافهم فشل السياسات التشغيلية للدولة.

عملت الدولة خلال العقدين الأخيرين على تخريب العديد من البرامج لتغطية انسحابها من ميدان التشغيل وهي نفس البرامج التي اجتهدت حكومة التناوب في تعديلها وفي نفخ الروح فيها كلما انكشف زيفها وعدم فعاليتها في كبح طموح المعطلين للحصول على مناصب شغل قارة وبأجر يضمن العيش الكريم.

.1) قروض المقاولين الشباب:

نظمت بقانون 87-36 الذي دخل حيز التطبيق منذ 1989 بغلاف مالي قدره 800 مليون درهم. لم يستطع هذا البرنامج التخفيف من حجم البطالة بشكل ملموس وستلجأ الدولة إلى تعديله سنة 1993 عبر خلق صندوق وطني للنهوض بتشغيل الشباب منظم بقانون 93/13 بغلاف مالي بلغ 1.8 مليار درهم مع رفع سقف القروض إلى 100 مليون سنتيم.

بدل أن تمتص هذه القروض من حجم البطالة، امتصت جيوب المقاولين الشباب وقادت إلى إفلاس نسبة كبيرة منهم بفعل صعوبات التمويل وتقل الجهاز البيروقراطي وتحايله والمنافسة… لقد أدى هذا البرنامج إلى مأساة حقيقية لا يزال المقاولون الشباب يتجرعون مرارتها.

.2) التشغيل الذاتي:

صيغة منقحة عن قروض المقاولين الشباب تندرج ضمن نفس الإطار القانوني مع خفض سقف القروض إلى 25 مليون سنتيم. يستهدف هذا البرنامج مساعدة الشباب حاملي الشهادات على خلق مقاولاتهم الخاصة وبالتالي شغلهم الخاص. ورغم الفشل البين لهذا البرنامج فإنه لا يزال أحد الإجراءات التي يتم التطبيل لها.

.3) المجلس الوطني للشباب والمستقبل

يعد، منذ تأسيسه في يوليوز، 1990 إحدى اللبنات الأساسية للهجوم الإيديولوجي للدولة. وصرفت له اعتمادات مالية مهمة، وكان دوره الأساسي هو إقناع حاملي الشهادات بمسؤوليتهم عن بطالتهم. وعمل جاهدا ليقوي التنافس بين مختلف فئاتهم، ويمنح المعطلين أحد خيارين: إمّا أن يكونوا مهارات في خدمة الرأسماليين، وإمّا أن يصبحوا مقاولين صغار ومتوسطين. وهي الخيارات التي كشف نضال المعطلين زيفها وعدم تلاؤمها مع طموحاتهم الفعلية.

لقد دخل هذا المجلس التضليلي في طي الكتمان لأنه فشل في تدجين المعطلين وكبح نضالهم. لكن كل الإجراءات التي لا تزال الدولة تعتمدها ترجع إلى خلاصات الدراسات التي قام بها خبراء المجلس والنابعة من روح توصية البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.

.4) التكوين من أجل الإدماج:

أطلق هذا البرنامج في إطار مبادرة التشغيل منذ 1987، وتتعدد صيغه بشكل يقوي الانقسام داخل صفوف العاطلين، فهناك التكوين الاندماجي والتكوين التأهيلي والتكوين التحويلي والتكوين المستمر والتكوين بالتدرج المهني والتكوين المهني والتكوين التقني وكلها صيغ للدعم المباشر للمقاولة عبر إعفائها من التحمل الضريبي والتحملات الاجتماعية وضريبة التكوين المهني وعبر مساعدات مالية متفاوتة المبالغ برسم التدريب وعبر المتدربين الذين تستغلهم مجانيا في الغالب وفي أحسن الأحوال بواسطة منحة شهرية «لا تسمن ولا تغني من جوع». إنها صيغ لمساعدة المعطل على أن يكون تنافسيا في سوق الشغل وليس لضمان شغل قار وبأجر قار يضمن الكرامة. إنها صيغ لتعميم التنافس بين المعطلين وبينهم وبين العاملين وبين هؤلاء أنفسهم. إنها صيغ لإدخال وتعزيز مرونة معممة في سوق الشغل تشمل استقرار العمل والأجر…

خصص لهذا البرنامج غلاف مالي سنوي يقدر بـ 500 مليون درهم في إطار المخطط الخماسي الحالي قبل تقليصه إلى 300 مليون درهم. وهذه المبالغ أكثر أهمية بكثير من «مناصب الشغل» التي يتم خلقها عبره.

.5) المناظرة الوطنية للتشغيل:

أمام تصاعد نضال المعطلين، كانت الدولة كعادتها مع كل النضالات الاجتماعية في حاجة إلى ضمان إجماع وطني حول سياستها التشغيلية المفلسة. وقد تمكنت من ذلك عبر لف كل الأحزاب والنقابات والجمعيات التنموية حولها وعبر المشاركة الانفرادية للمكتب التنفيذي للجمعية الوطنية.

لقد شكلت هذه الندوة تجميعا وتركيبا لكل برامج الدولة التي تبين فشلها في حل معضلة البطالة الجماهيرية والإقصاء الاجتماعي والتهميش. كما كانت فرصة لإطلاق دعاية ممنهجة للمرونة كحل سحري لمواجهة التقهقر الاجتماعي المتنامي بفعل الهجوم الليبرالي المستمر على المكاسب التاريخية للطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة.

.6) الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات:

تعد من أبرز خلاصات مناظرة التشغيل بمراكش سنة 1998. تم تأسيسها تحت قانون 99/51، وهي مؤسسة عمومية تتمتع بوضعية الشخص المعنوي وبالاستقلال المالي، وتعمل على الوساطة في سوق الشغل لليد العاملة المؤهلة، وليست معنية باليد العاملة غير المؤهلة ولا باليد العاملة القروية. تعمل الوكالة تحت شعار «أنت تشتغل، نحن نشتغل معك، وأنت تبحث عن الشغل، نحن نبحث معك» وتعتمد منذ تأسيسها برنامجا من خمس عقد تدريب (التكوين من أجل الإدماج) مختلفة وبرنامج للتشغيل الذاتي. ولا تخرج هذه البرامج عن جوهر مبادرة التشغيل 1987 وقروض المقاولين الشباب 1989. وكلها برامج لم يعد فشلها يخفى على أحد. والبرهان العملي على ذلك هو تنامي احتجاجات المستفيدين منها سواء المقاولين أو المعاد تكوينهم أو المعرضين لعبودية تكوين-إدماج.

تطمح الوكالة إلى تدوير Recyclage 31 ألف حامل شهادة سنويا وخصص لها غلاف مالي سنوي بـ 179 مليون درهم.

تعمل ANAPEC على تفكيك سوق الشغل بعد التخلي عن احتكار الدولة عبر إلغاء مكاتب التشغيل في 05/06/2000. وهذه الأخيرة شبكة من حوالي 50 مكتبا يشمل تدخلها كل أصناف العاطلين وتتحكم الدولة عبرها في توجيه طالبي الشغل إلى الأنشطة حيث يسجل الخصاص في اليد العاملة.

إن تأسيس الوكالة وإطلاق العنان للشركات الخاصة التي تشتغل في مجال السمسرة في اليد العاملة يعد تشريعا لخروج الدولة من ميدان الشغل.

هكذا تسهر الوكالة على تنفيذ سياسة الدولة في ميدان الشغل المستهدفة لمختلف فئات اليد العاملة المؤهلة من حاملي الشهادات، والتي تشمل كل المقاولات التي تشغل أقل من 50 عامل بما فيها تلك التي تحتاج فعلا لليد العاملة. مع امتيازات إضافية لتلك التي توجد في مناطق مهمشة اقتصاديا. ويمكن تقسيم برنامج تدخلها إلى جانب برنامج التشغيل الذاتي إلى: عقدة الإدماج؛ وتعني حاملي الشهادات انطلاقا من الباكالوريا الباحتين عن العمل لأول مرة. ويتعلق الأمر بتدريب تكوين-إدماج يمكن للمقاولة فسخها متى شاءت بدون شروط. وعقدة ولوج العمل وهي تعني الفئة التي تجد صعوبة في العثور على العمل كالمعاقين والباحثين عن العمل لأزيد من سنة والمعطلين لأزيد من 3 سنوات.

بالنسبة للمعطلين يتعلق الأمر باكتساب تجربة مهنية وتقوية حظوظهم في سوق الشغل. وبالنسبة للمقاولات بدعم تنافسيتها مجانيا عبر الاستفادة من يد عمل مؤهلة وعبر منح سخية من الميزانية العامة.

طبعا، بعد قرابة 15 سنة من التطبيق العملي لمختلف هذه البرامج والتعديلات الشكلية المدخلة عليها يمكن تلخيص جوهرها في سعي الدولة إلى خلق وضعيات عدم استقرار دائمة داخل سوق الشغل. فبالنسبة للعاملين لن يعود هناك مجال لاستقرار الشغل ولا لاستقرار الأجر ولا لاستقرار المنح والتعويضات أي فتح المجال لهشاشة شروط حياة وعيش العامل.

وبالنسبة للعاطلين وضعية انتقالية دائمة بين البطالة والشغل، في إطار برنامج البنك الدولي حول إعادة تدوير العاطلين. يتعلق الأمر بعدم ترك المعطلين في وضعية بطالة دائمة وفي نفس الوقت عدم إدماجهم في الحياة العملية، وهذا هو حال برنامج التكوين حيث بعد عام أو أكثر من التكوين الإضافي يجد المعطل نفسه في نقطة البداية، البطالة مجددا. ونفس الشيء ينطبق على مسلسل عقد التدريب شبه المجاني وكذا التشغيل الذاتي حيث يجد المعطل نفسه أمام وضعية حيث لا هو بالمقاول ولا هو بالمفلس في أحسن الأحوال.

.7) الفضيحة «النجاة» آخر طلقات حكومة التناوب:

تمت هذه الصفقة في سياق التحضير للانتخابات التشريعية. وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول براءتها، خصوصا وأن الدولة والحكومة لا يمكن أن يفوتها نصب هذه الشركة على عدة بلدان. مثل كينيا 50 ألف مرشح وسوريا 250 ألف مرشح وغيرها في بقاع مختلفة من العالم. حيث قدمت عروضا مهمة حول تشغيل الآلاف من العاطلين على متن بواخر سياحية لشركات من بلدان أوربية مختلفة.

كل شيء يجعلنا نعتقد كون الدولة والحكومة التجأت إلى خبرة هذه الشركة في النصب والاحتيال من أجل تحييد المعطلين إبان فترة الانتخابات. خاصة أمام إمكانية أن تفتح هذه الأخيرة نقاشا سياسيا حول مسألة التشغيل. مما قد يدفع بدوره إلى تقوية الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب والمجموعات المناضلة الأخرى. وبالتالي تعبئة الجماهير العريضة من المعطلين للمطالبة النضالية بالحق في الشغل.

لقد نبه الاتحاد المغربي للشغل الحكومة مبكرا إلى عدم جدية المبادرة مذكرا بتجربة النجاة بدول أخرى. كما أن الجمعية الوطنية شككت في جديتها وطالبت بإعطاء ضمانات فعلية حول جديتها. غير أن الدولة اختارت الصمت، بل أكدت جدية الصفقة عبر وزيرها في التشغيل عباس الفاسي في برنامج بالقناة الثانية وفي مجلس المستشارين. وعبر وكالتها ANAPEC وعبر إشراف العمالات والولايات على العملية. إن تعامل الدولة هذا هو الذي شجع عشرات الآلاف من العاطلين بالإضافة إلى عائلاتهم على الجري وراء هذا السراب الذي رأوا فيه الخلاص من وضعية لا يمكن تحملها.

لقد نجح مسعى الدولة في تحييد المعطلين إبان الانتخابات بواسطة هذه الصفقة المدبرة ونجحت في إضعاف الجمعية الوطنية التي كانت تعتزم جعل تلك الفترة مناسبة للتعريف بمطالبها ومبادراتها وفرصة كذلك للنضال ضد الاستغلال السياسي لمسألة البطالة من طرف الأحزاب المفلسة. فهل تنجح الدولة في امتصاص نقمة أزيد من 50 ألف وعائلاتهم المعنيين بالعملية؟

.8) اللجنة الوطنية للمتضررين.

شهدت كل المدن المغربية حيث تتواجد فروع للوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات احتجاجات للمعطلين المتضررين. في الأول كانت هذه النضالات عفوية وشكلت رد فعل مباشر على خبر اختفاء مدير شركة النجاة، واستعداد الوكالة لتعويض المعنيين والعمل على توفير أقصى عدد من مناصب الشغل عبر وسائلها الخاصة، وتأكيدها على أنها تتابع العملية من الشركات الأوربية المعنية بشكل مباشر.

جاء الإعلان عن فشل العملية مباشرة بعد الانتخابات. وبدأت كل الصحف المأجورة تتحدث عن النصب والاحتيال، وانطلق التراشق بالمسؤولية بين الأحزاب المتآمرة. لقد انتهى دور الصمت بعد نجاح اللعبة في تأدية مفعولها. وانطلق ضجيج الصحف والأحزاب ليبطل المفعول، عبر العمل على امتصاص غضب المتضررين وإقناعهم بأن العملية كانت نصبا واحتيالا. وبأن الدولة ستعمل على مقاضاة الشركة دوليا وأنها ستعوضهم عن مصاريف الفحوصات التي أجروها.

لقد ابتدأ نضال المتضررين عفويا، لكنه سرعان ما تحول إلى فعل منظم وميداني. هكذا تأسست لجنة وطنية ولجان محلية وانطلق مسلسل الاتصالات مع المسؤولين وكان أولهم رشيد شفيق مدير الوكالة الوطنية الذي أخبر محاوريه بفشل العملية و… ثم والي الدار البيضاء الذي كان كل همه الحفاظ على الأمن بالبيضاء. متناسيا أن هؤلاء المواطنين كانوا عرضة أمام أعينه وأعين كل مسئولي هذا البلد لأكبر فضيحة أمنية. بعد ذلك سيتم عقد لقاء مع لجنة مكونة من ممثل لسلطة وآخر لوزارة التشغيل وآخر لوكالة البيضاء وغياب المدير الذي يرى أن اللقاء يجب أن تكون محلية على مستوى الوكالات.

لم تحمل كل هذه اللقاءات جديدا حول مطالب المعطلين المتمسكين بحقهم في الشغل وبحقهم في تعويض وفق شروط العقد الذي وقعوه. لذا دعت اللجنة الوطنية لوقفة أمام البرلمان يوم 22/10/2002 حضرها قرابة 3000 معني من أجل الدفع بمطالبهم إلى الأمام.

إن المبادرة نحو تشكيل لجنة وطنية للمعطلين المتضررين من هذه العملية هو اتجاه نحو تقسيم آخر لصفوف المعطلين ولن يعدو الأمر سوى تكرار لتجارب المجموعات الأخرى المتواجدة على هامش الجمعية الوطنية. إن العملية الحالية ظرفية وسرعان ما سيتم احتوائها عبر تغذية أوهام أخرى تناول منها المعطلون حتى التخمة. ليس مطلب المتضررين حول حقهم في الشغل سوى المطلب الذي رفعته وناضلت من أجله الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب منذ تأسيسها سنة 1991. وليس مطلبهم حول تعويض عن الضرر حسب شروط العقد سوى صيغة جزئية لمطلب الجمعية حول تعويض عن البطالة لا يقل عن الحد الأدنى للأجور.

إننا نرى ضرورة العمل على توحيد نضال حركة المعطلين داخل الجمعية الوطنية حول مطلبي الشغل والتعويض. فلنجعل من هذه الفضيحة فرصة لإطلاق حملة وطنية للمطالبة بالحق في الشغل عبر المطالبة بخلق مناصب شغل بالميزانية الحالية بشكل يسمح بامتصاص فعلي لجزء مهم من العاطلين. وللمطالبة بتعويض عن البطالة لا يقل عن الحد الأدنى للأجور عبر خلق صندوق وطني تموله الدولة والباطرونا.

لسنا من يرفض العمل بل الدولة هي التي تصادر منا هذا الحق. لذا فرفضها منحنا تعويضا عن البطالة يعني الامتناع من نجدة مئات الآلاف من البشر في خطر. لا يمكن السكوت عن هذه الجريمة ولا سبيل سوى النضال الحازم لفرض الاستجابة لمطالبنا.


الشغل حق وليس امتياز

ما نريده قبل كل شيء هو القضاء على البطالة؛ عبودية المجتمع الرأسمالي. ليست هناك أية حتمية في طريقة تنظيم المجتمع والعمل الحاليين. هكذا يجب تغيير قواعد وأولويات وقوانين اشتغال المجتمع الرأسمالي. فالبطالة تمثل حاليا تهديدا كبيرا لمستقبل المجتمع: إنها تثير الكراهية والعنف والتعصب والعزلة والخوف، إنها تستهدف عددا متناميا من النساء والرجال وتجعل الشباب عابرين سريين في المجتمع. إنها تحدد سلبيا الـ«بدون»: بدون عمل وبدون سكن وبدون دخل وبدون مكانة. إنها تغذي الأزمة.

أليس هذا كافيا للتوفر على الجرأة لوضع حد للبطالة؟ إن جماهيريتها واستمرارها تشكك في إمكانية إلغائها، فالقضاء عليها مرتبط بقوة الحركة العمالية، من جهة، وبمصداقية مقترحاته، من جهة أخرى. إن القضاء عليها لن يتم دون القضاء على نمط الإنتاج الرأسمالي.

إن الدخل واجب مستحق: ففي غياب ضمان الشغل للجميع يجب منح دخل يمكّن من العيش بكرامة.

من أجل تعويض عن البطالة يمكّن من العيش الكريم

رفعُ هذا المطلب ومساندته الجماهيرية يعني إرجاع الأمل في حياة كريمة لمن لم يعودوا يثقون في شيء. وهو كذلك حجر الزاوية الضروري للخروج من هذه المأساة. إن الجواب الإنساني على وضع غير مقبول هو العمل على توفير الشغل للجميع، إجابة اجتماعية تسمح بتوفير الوسيلة الأكثر جدية للتمكن من العيش في مجتمع لا يعرف بالحق في العيش سوي لمن يتمكن من بيع قوة عمله. إنه كذلك إجابة ضد الهجوم على الخدمات الاجتماعية والطريقة الوحيدة لليسار ليكون في مستوى التطلعات التي يحملها.

ستتذرع الدولة بأن هذا التعويض سيمنع الناس من العمل، لكن الذي يجب فعله هو منع الباطرونا من التشغيل بأجور زهيدة. وستتذرع كذلك بكون التكلفة باهظة، لكن أليست تكلفة مديونية لم يصرف منها فلس على تلبية حاجياتنا الأكثر أولوية باهظة؟ أليست أجور الموظفين الكبار مكلفة؟ أليس نهب القطاع العام مكلفا؟ أليس الدعم المالي للمقاولات وإعفائها الضريبي ومن تحملات الضمان الاجتماعي… مكلفا؟ … الخ.

إننا نطالب بإنشاء صندوق للتعويض عن البطالة يمول من طرف الدولة والباطرونا.

على جمعيتنا أن تفتح نقاشا داخليا حول قيمة هذا التعويض التي لا يجب أن تكون أقل من الحد الأدنى للأجور وكيفية تمويله وصرفه، وأن تقوم بحملة وطنية لشحذ الدعم الجماهيري لهذا المطلب عبر توزيع مناشير وتوقيع العرائض وتنظيم مهرجانات وندوات تساهم فيها الإطارات الجماهيرية، ثم تقوم بإطلاق مبادرات نضالية لفرض الاستجابة لهذا المطلب.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

merci beaucoup pour ces informations