لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


الخميس، 9 دجنبر 2010

نضال الفرع المحلي


1 ـ قراءة في تجربة فرع أكادير

2 ـ المعركة المحلية غشت 98

3 ـ تقييم مسار الفرع المحلي


1 ـ قراءة في تجربة ج. و. ح. ش. م. م. في أكادير

تأسست  ج. و. ح. ش. م. م. في أكادير 1991، كتعبير عن الحاجة الملحة إلى وجود إطار يعبر عن مصالح هذه الفئة من العاطلين، ويشكل أداة نضالها من أجل إلغاء البطالة والحق في الشغل. وقد تكاثرت فروع الجمعية مع تكاثر أفواج الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا ومعاهد التكوين المهني، التي تصطدم بقلة فرص الشغل. فمن جهة، لم تعد الدولة البرجوازية تستوعب إلاّ عددا ضئيلا من حملة الشهادات نظرا لتقليص نفقات القطاعات الاجتماعية تنفيذا لتوصيات الأبناك الإمبريالية. ومن جهة أخرى ضعف القطاع الخاص، المرتبط بتخلف البنية الاقتصادية الناتج كذلك عن وضعية التبعية للإمبريالية، الذي لا يشغل وفق متطلبات التأطير الرأسمالية.
وتعكس النضالات والمعارك من اعتصامات ومسيرات وإضرابات عن الطعام… الخ التي تخوضها فروع الجمعية فشل الحكومة البرجوازية في إيجاد حل لمشكل البطالة وزيف كل الوعود الرسمية بضمان التشغيل. كما تعكس قناعة الخريجين المعطلين بأن الحوارات ليست إلاّ خدعة يراد بها الإحباط واليأس لتفريق الصفوف، وأن النضال وحده هو الكفيل بانتزاع حقهم في الشغل.
لم يمض على تأسيس الفرع المحلي لأكادير إلا سنة واحدة، ولم يتسن له بعد أن يراكم تجارب نضالات في مستوى الفروع الكبرى المكافحة. لكن لا بد من تقييم خطواتنا طيلة هذه المدة لتحسيس كل المناضلين بالمشاكل التي من شأنها أن تعوق تطوير قوانا الذاتية ولتبيان مكامن الضعف الحالية بغية إشراك كل مناضلينا في نقاش الوسائل الكفيلة بتوسيع قاعدة فرعنا وضمان قدراته النضالية ليتبوأ مكانته ضمن الفروع الكفاحية، وليساهم في إغناء تجربة الجمعية على الصعيد الوطني.
1)- عرض كرونولوجي
-1 فبراير 1995: أول اجتماع بمقر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، توج بفرز لجنة تحضيرية تقوم بالإعداد المادي والمعنوي للجمع العام التأسيسي.
-12 مارس 1995: الجمع العام بمقر الاتحاد المغربي للشغل حضره 96 معطل ومعطلة. أسفر عن انتخاب مكتب تنفيذي من تسعة أعضاء، كما أصدر بيانا أعلن فيه من استعداد المعطلين بآكادير لخوض كافة الأشكال النضالية من أجل انتزاع الحق في الشغل.
-11 شتنبر 1995: اجتماع المكتب بمقر الكونفدرالية الديموقراطية للشغل خلص إلى أن الاتصالات التي يقوم بها مع السلطات المحلية مجرد استجداءات عقيمة في غياب نضالات حازمة، كما أنه لا بد من تعبئة واسعة لتجاوز الضعف العددي للفرع وسيادة اللامبالاة لدى المعطلين.
-27 شتنبر 1995: اجتماع موسع توج بنداء إلى خوض اعتصام لمدة 48 ساعة ابتداء من 3 أكتوبر.
- 3 أكتوبر 1995: تنفيذ الاعتصام بمقر ك.د.ش. معركة متواضعة قياسا إلى عدد المنخرطين فيها، لكنها كانت أول تحرك جماعي وبذلك أثار حفيظة السلطات المحلية التي سارعت إلى احتواء الشرارة قبل أن تصبح لهيبا. فتمت مجموعة لقاءات مع كل من والي المدينة، ورئيس المجلس البلدي، والكونفدرالية العامة للمقاولين، لكنها لم تسفر إلاّ عن وعود زائفة نظرا لغياب اتفاق حقيقي حول مسطرة إخراجها إلى حيز التنفيذ.
- 16-28 أكتوبر 1995: اعتصام مفتوح بمقر إ.م.ش. بالرباط والذي دام 13 يوما بحضور ما يقارب 1400 معطل ومعطلة. المعركة أبانت عن تجدر جنيني لحركة المعطلين، وقد ساهمت في الرفع من معنويات مناضلي فرعنا الذين أبانوا عن استعدادهم لتنفيذ قرار المجلس الوطني الموسع المنعقد في الرباط على هامش المعركة الوطنية القاضي بنقلها إلى الفروع.
 - 27 نونبر 1995: اعتصام مفتوح بمقر ك.د.ش. في الزمان وكذا من حيث الأشكال النضالية المرافقة له التي تبقى صلاحية التقرير فيها عن رفضها للمعتصمين تبعا لمجريات المعركة. بعض العناصر القيادية في الاتحاد المحلي لكدش.د.ش. عبرت عن رفضها لاحتضان معركة بهذا الشكل، الأمر الذي حذا بالمعطلين إلى تعليق المعركة وهو ما يكشف افتقاد هذه الأخيرة إلى المقومات الذاتية لرفع التحدي النضالي اللازم.

2)- توصيات ومقترحات
إن تقييم المعركة الأخيرة سيدفع بالمناضلين إلى رصد آفاق الفرع عبر تبني مجموعة من المقترحات بمثابة توصيات لتجاوز ضعف القاعدة نسبة إلى عدد الخريجين بولاية أكادير، والذي يعتبر أحد أكبر المعيقات التي تحول دون تطوير نضالية الفرع:
- تجاوز مركزة الفرع بمدينة أكادير وذلك عبر خلق لجان محلية بكل من أنزا، الدشيرة، أيت ملول، تكوين، إنزكان… الخ، تعمل بتنسيق مع مكتب الفرع في أفق هيكلتها كفروع من شأنها الانخراط في بناء إطار أرقى للتنسيق.
- العمل على إنجاز استمارة، توزع على نطاق واسع، ستسمح لنا بضبط وتدقيق كل معطيات فيما يخص وضعية المعطلين.
- إصدار نشرة داخلية تعنى بمشكلة البطالة عموما وسبل إلغائها
- تنظيم أنشطة تكوينية وإشعاعية من عروض وندوات حول كل ما من شأنه أن يدخل ضمن الاهتمامات المباشرة للمعطلين.
- العمل على يجاوز مشكل المقر واستغلال كل الإمكانيات المتوفرة حاليا أقصى ما يمكن

إذا كانت هذه التوصيات ذات أهمية بالغة فإن من واجب كل المعطلين أن يعملوا على إغنائها بتقديم انتقاداتهم ومقترحاتهم. وفي هذا الصدد ندلي ببعض الأفكار:
* تشكيل لجنة بمثابة هيئة تحرير النشرة الداخلية، تتتبع كل الخطوات من جمع المادة وفرزها حتى الطبع والتوزيع.
* تشكيل لجنة لمراقبة توزيع الاستمارة وجمع الأجوبة وتركيبها.
* لجنة للتوثيق تمركز كل الأدبيات الضرورية للبحث والعمل من كتب ومجلات وجرائد… الخ تعمل على تنظيمها وفق محاور والتعريف بها.
* اللجان الجهوية -بالنسبة لمراكز ولاية أكادير- يجب أن تحظى بمصداقية جماهيرية عبر فرزها ديمقراطيا من داخل تجمعات تعقد بعين المكان.
* تشكيل مجلس للتنسيق يضم ممثلين عن اللجان الجهوية.
* إرساء قنوات للتنسيق مع الفروع الأخرى بالجهة الجنوبية (تارودانت، تزنيت، كلميم، زاكورة، …الخ).
* إيجاد أشكال للتعامل مع الطلبة باعتبارهم مقبلين على البطالة، كالقيام بأنشطة تعبوية (عروض نظرية، حلقات نقاش…) داخل الجامعة لتحسيسهم بالمصير الذي ينتظرهم بعد نهاية دراستهم.
* التفكير في صيغ التقارب مع الفئات الاجتماعية الأخرى من العاطلين وضرورة وعي العاطلين ذوي الشهادات بوحدة مصير كل ضحايا البطالة.




2 ـ المعركة المحلية:  تعبير ملموس عن وحدة كل ضحايا الرأسمالية في النضال ضد البطالة


لقد دخلت الدولة التابعة في المغرب في تطبيق إجراءات إعادة التقويم الرأسمالي منذ أزيد من 15 سنة. وكان هدف هذه الوصفات المفروضة من طرف المؤسسات المالية الإمبريالية هو تغطية العجز الدائم في الميزانية العامة للدولة ومستحقات المديونية. وهو ما أدى إلى تدمير جزء هام من النسيج الاقتصادي «الوطني». إن فشل هذه السياسات يتضح بجلاء في استمرار البرجوازية المحلية في هجومها الوحشي ضد الطبقة العاملة وكل الحركات المناضلة، عبر استمرار خضوعها التام لمسلسل من توصيات البنوك الإمبريالية دون أن تجد حلا لمسألة عجز الميزانية وجحيم المديونية اللتان تثقلان كاهل الجماهير الشعبية بمزيد من التفكير والتهميش وكل أنواع الإقصاء. إن هول الكارثة الاجتماعية التي تؤدي إليها هذه السياسات يتضح في تفاقم البطالة الجماهيرية والإفقار المطلق لقطاعات اجتماعية واسعة. ويؤدي هذا كله إلى إضعاف إمكانات المقاومة لدى العمال كما العاطلين وعموم الكادحين. من هنا فإن النضال ضد البطالة يعد مسألة حياة أو موت بالنسبة للقطاعات المنظمة من الطبقة العاملة في النقابات والفئات المنظمة من العاطلين (الجمعية الوطنية لحملة الشواهد – الدكاترة المعطلون) كما بالنسبة للإطارات الجماهيرية الكفاحية.
إن النضالات الاجتماعية ملئت الفراغ الذي خلق في الحياة السياسية بعد استكمال الأحزاب المسماة ديمقراطية والبيروقراطية النقابية المرتبطة بها لمسلسل خضوعها للبرجوازية المحلية ودولتها فرغم الطابع الدفاعي لهذه النضالات وكذا عزلتها وتجزئتها، فإن العمال والعاطلين والشبيبة يرفضون أكثر فأكثر سياسة التقشف وهم يرفضون التقشف الحالي الذي يجري تنفيذه تحت المسؤولية المباشرة لمن تم اعتبارهم حتى الأمس حلفاء فعليين للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين.
إن انتظار الدعم لنضالاتنا من طرف الأحزاب السياسية التي استكملت دورة خضوعها النهائي عبر قبولها بتسيير الأزمة المستفحلة للنظام، يعد انتظارا للنجدة ممن لا يملك لا القدرة ولا الإرادة الفعلية في النضال إلى جانب الجماهير الشعبية عموما. لا بل إن تلك الأحزاب تسعى (وهذا منحى تأكد بشكل لا رجعة فيه) إلى الحفاظ على الوضع القائم بكل السبل*
لقد فرضت النضالات الجماهيرية وخاصة نضالات جمعيتنا الوطنية، على الدولة الاعتراف الرسمي بمعضلة البطالة وخطورتها. إلاّ أن جوابنا كان دائما هو القمع والاعتقالات والمحاكمات.
إن نضالاتنا كفرع محلي يأتي في خضم هذه الهزات لتبدأ تجربتنا الفتية التي اختارت طريق النضال الحازم وغير المهادن من أجل انتزاع مكاسب فعلية بخوض عدة معارك على شكل وقفات احتجاجية أمام مقرات السلطات وتوجت بالدخول في معركة مفتوحة في 21 غشت 98 من أجل انتزاع المطالب المشروعة في الشغل والتنظيم. لقد ووجهت هذه المعركة على غرار مثيلاتها بالقمع الوحشي والاعتقالات والمتابعات، لكن هذا لم ينل من عزيمتنا على مواصلة النضال حتى تحقيق مطالبنا العادلة في مناصب شغل فعلية.
إن اقتناعنا بأن مشكل البطالة لا يهمنا وحدنا. وكذا قناعاتنا التابثة بأنه مهما كانت نضالاتنا حازمة وكفاحية فهي لا تكفي لفرض تنازلات فعلية على الدولة، جعلنا نتحرك بحزم للبحث عن سبل ربط نضالاتنا بالنضالات الاجتماعية محليا (نضالات العمال والمطرودين والمهمشين والطلبة) مما مكننا بالفعل من خلق اللبنات الأولى لنضال مشترك ضد البطالة محليا.
لقد أبان معطلو ومعطلات الفرع المحلي بآكادير عن طاقة نضالية عالية عبر سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات السلطات استطاعوا من خلالها تحرير الطاقة النضالية الكامنة لدى العمال والمطرودين والطلبة. إلاّ أن ذلك لم يكن في مجمله سوى ترسيخ لتقليد نضالي جرى تحصينه انطلاقا من الأشكال الاحتجاجية التي تلت اغتيال القائد العمالي الشهيد عبد الله مونا صير والتي كانت شوارع أكادير مسرحا لها: لقد عوضت البيانات والنداءات الموزعة على أوسع نطاق من طرف مناضلي الفرع الحصار الإعلامي المضروب على جمعيتنا إلى جانب المعطل المكافح. كما عوض التوجه إلى العمال والطلبة والتلاميذ وجماهير الأحياء الشعبية المراهنة على الأحزاب المسماة زورا ديمقراطية وتقدمية.
لقد عوض الاحتجاج في الشارع وبكل الأشكال الاستجداء والاعتكاف في المقرات. لقد عوضت وحدة كل ضحايا الرأسمالية عزلتنا.
لقد سمحت كل هذه المعطيات مرفقة بالدينامية النضالية لمناضلي الجمعية الذين تحركوا بشكل فعال سواء لجلب الدعم لنضالات المعطلين أو لتقديم الدعم للنضالات الاجتماعية المحلية (معمل FMCA، سوكامار، البحارة، سكان الأحياء الشعبية –الهدم والإنارة، المعتقلين ظلما في قضية الشهيد عبد الله مونا صير) في نسج روابط متينة بين المعطلين والعاملين، بين المعطلين والطلبة، بين المعطلين وكادحي الأحياء الشعبية، وفيما بين هذه الأطراف كلها. لقد أصبح من الطبيعي جدا في أكادير أن يلتقي العمال والطلبة والمناضلون الحقوقيون والشبيبة والنساء والعاطلون والجماهير المهمشة في كل شكل نضالي أيا كان القطاع الاجتماعي الذي يخوضه (عمال، طلبة، مطرودون، تلاميذ). إن هذه الوحدة الضرورية التي بقيت إلى حد الآن أولية تقوت نسبيا إبان معركتنا هذه، فأخذت أشكالها تتعدد وتطرح بالتالي عدة تساؤلات حول مستقبل هذه الوحدة وكيفية تحصينها. لذا ينطلق استقرائنا لمعركة هذه من زاوية إبراز هذه التجربة والتعريف بها لنضعها أمام أعين الفروع الوطنية للجمعية وكل الإطارات الجماهيرية والمناضلة حقا.
لقد سبق دعم نضالاتنا لإطارين نقابيين كفاحيين إلى جانب العديد من مناصري حقوق الإنسان محليا. فنقابة بحارة الصيد الساحلي (إ.م.ش.) التي تواجدت يوميا إلى جانبنا منذ بداية الاعتصام، كانت بالفعل تجسد الخط النضالي الحازم الذي رسمه لها مؤسسها وقائدها العمالي عبد الله مونا صير الذي كان تواجده إلى جانب نضالاتنا محليا ووطنيا دائما وفعالا إن ماديا أو نضاليا. أمّا نقابة مستخدمي وكالة النقل الحضري (ك.د.ش.) التي اختارت لنفسها نهجا كفاحيا فقد كان تواجد مناضليها يوميا كذلك ينضاف إلى هذا الحضور الفعال للطلبة والتلاميذ والمطرودين في معركتنا.
أمّا البيروقراطيات النقابية المحلية فهي غائبة على غرار البيروقراطيات المركزية، ولا تفعل سوى نشر السموم حول معركتنا التي تقودها تقودها بيروقراطية ك.د.ش المرتبطة بالاتحاد الاشتراكي والتي تدعي أن فرعنا المحلي استفاد من دعم مادي قدره 5 ملايين سنتيم من الاتحاد الدستوري من أجل إحراج «التغيير». إن هذا النفاق لا يضاهيه سوى نفاق الأجهزة المركزية التي تدعي كون نضالات المعطلين وطنيا مدفوعة من طرف وزارة الداخلية لنفس الغرض: «إحراج حكومة اليوسفي». إنها قمة الابتذال السياسي.
أمّا معركتنا التي انطلقت في ظل الحصار الأسود المضروب عليها محليا وعلى كل الواجهات استطاعت بفضل مساندة ودعم نقابات كفاحية أن تلف الرأي العام المحلي حولها محطمة بذلك الحصار المفروض عليها. فبدأ الدعم المادي يتقاطر بفعل توافد إطارات نقابية أخرى على المعتصم وأخذت أشكال الدعم تبتعد شيئا فشيئا عن مجرد الزيادة الخجولة ولغة التباكي على بؤسنا ومأساتنا لتكتسي شكل المساهمة النضالية الفعالة في كل الخطوات النضالية التي أقدم عليها الفرع في إطار معركتنا التي لا تزال مفتوحة.
لقد تشكلت لجنة لدعم المعركة وافتتح النقاش بين عائلات المعتصمين وتم التضامن مع معركتنا عمليا في شكل وقفة احتجاجية تضامنية قام بها أزيد من 500 عامل وعاملة إلى جانب مكاتبهم النقابية. أمّا المسيرة الشعبية ضد البطالة محليا (14 أكتوبر 98) فقد كانت تعبيرا ملموسا عن وحدة كل ضحايا الرأسمالية في النضال ضد البطالة. لقد كانت صورة مصغرة لما يمكن أن تكون عليه المسيرة الوطنية ضد البطالة حيث كانت المشاركة الجماهيرية رغم الحصار البوليسي الكثيف لمقر الاعتصام. لقد شكل خلق لجنة محلية لدعم نضالات المعطلين مكسبا حقيقيا للفرع المحلي للجمعية الوطنية بآكادير. هذا الإطار الذي طال انتظاره والذي لم يتم التوصل إلى تأسيسه إلاّ بفعل إصرار وصبر المعطلين محليا وعدم يأسهم من مواصلة الاتصال بكل الإطارات محليا وبسط دعم المعطلين أمامهم على أنها مهمة ملقاة على عاتق كل المناضلين والإطارات المكافحة فعلا. هكذا شهدت معركتنا تأسيس هذه اللجنة. إلاّ أنه في زمن النضال الحازم تطوى المسافات وتقلص الأزمة حيث في ظرف وجيز تتحول هذه اللجنة من مجرد أداة لمتابعة نضالات وجمع الدعم المادي وتوفير الدعم الإعلامي إلى لجنة محلية لدعم نضالات المعطلين تجمع بين المعطلين والعاملين وكل المناضلين الكفاحيين في إطار يضع على رأس برنامجه النضالي النضال الحازم ضد البطالة محليا. إلى جانب التعريف بهذه التجربة وطنيا من أجل السير قدما نحو تحقيق جبهة اجتماعية للنضال ضد البطالة، الإطار الوحيد الذي من شأنه قلب موازين القوى لصالح كل ضحايا الرأسمالية من عمال وعاطلين نساء وعموم الجماهير الشعبية والكادحة (أنظر أرضية اللجنة)
الخلاصات:
1)- لا يمكن لنضالات المعطلين أن تتقدم إلاّ بتوحيد جهود حركتهم مع الحركة النقابية وكل الإطارات الجماهيرية المناهضة للرأسمالية.
2)- إن البطالة توحد كل ضحايا الرأسمالية ولا يمكن القضاء عليها سوى بالرد الجماعي الموحد والمنظم والذي يقطع نهائيا مع سياسة التقشف والترقيعات في اقتصاد أصبحت هشاشته خطرا على مستقبل قطاعات اجتماعية من ساكنة البلاد.
3)- إن الخيار الوحيد أمام جمعيتنا هو النضال مع النقابات والإطارات الجماهيرية المناضلة في أفق بناء جبهة اجتماعية موحدة لمناهضة البطالة.
4)- إن إحدى الدروس الأساسية لمعركتنا المحلية هي: الامتحان العملي للتصور العام للمؤتمر الرابع لجمعيتنا والذي أكدت الممارسة العملية صحته. إن التجربة العملية أتبثت أن الرهان على النقابات والشبيبة وكل ضحايا الرأسمالية هو السبيل الوحيد للتقدم نحو تنازلات فعلية.
5)- إن اللجنة المحلية للنضال ضد البطالة لبنة أولى في طريق تشكيل جبهة اجتماعية لمناهضة البطالة فلنعمل كل من موقعه لتأسيسها وتفعيلها وتطويرها.



 

 

كرونولوجيا المعركة المفتوحة لـ 21/08/98



نظرا لكون معركتنا المحلية لا تزال مفتوحة فإن هذا الجرد سيقتصر على أبرز الأحداث التي عرفتها.

لقد دخل معطلو أكادير معركتهم المفتوحة تحت شعار «من أجل الكرامة والشغل اللائق» بعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات السلطات احتجاجا على سياسة التهميش والحوارات المغشوشة المنتهجة من طرف الجهات المسئولة.

وبعد مراسلة الولاية من أجل فتح الحوار مع الجمعية محليا ومواجهة ملفنا المطلبي بالتسويف والتجاهل التامين وتمشيا مع عزمنا تصعيد النضال لفرض حوار جدي ومسئول يسفر عن مكاسب فعلية تم خوض وقفة احتجاجية يوم 25/08/98 أمام غرفة التجارة والصناعة توجت بمسيرة صامتة في اتجاه المقر تدخلت على إثرها قوات القمع مما خلق إصابات لدى العديد من المعطلين والمعطلات، وفي اليوم الموالي توافدت الإطارات النقابية المناضلة على مستوى قاعدة المركزيات النقابية الثلاثة للتضامن مع المعطلين المعطوبين مجسدة بذلك وحدة العمال والعاطلين. أمّا الولاية فقد استدعت المكتب لتحذيره من مغبة الاستمرار في المعركة رافضة الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

هكذا تواصلت معركتنا بوقفة احتجاجية ناجحة أمام مقر بلدية الدشيرة يوم 27/08/98 لقيت تجاوبا جماهيريا كبيرا. بعد ذلك يبدأ مسلسل الاعتقالات حيث تمت متابعة معطلين بتهمة «توزيع مناشير غير مشروعة لجمعية محظورة» وحين استقبال هؤلاء بعد الإفراج عنهم يوم 29/08/98 تمت مهاجمة المعتصمين والمعتصمات من طرف قوات القمع مقتحمة المقر ومخلفة إصابات لدى العديد من المعطلين والمؤازرين نقلت بعض الحالات منها على وجه السرعة إلى المستشفى. لقد خلف هذا الهجوم استنكارا شعبيا واسعا، حيث أصدرت كل النقابات والهيئات المناضلة التي آزرت ودعمت معركتنا بيانات تنديدية مستنكرة اقتحام حرمة المقر، وقد رفعت رسالة احتجاجية في الموضوع جاء فيها: «إن انتهاك حرمة مقر نقابة (إ.م.ش.) هو دوس لكل القوانين المنظمة للحركة النقابية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأن قمع المعطلين هو تكريس للإجهاز على الحق في التنظيم وفي الشغل».

واستمرارا في الخط التصعيدي حتى فرض حوار يفضي إلى مناصب شغل فعلية خاض  المعتصمون وقفة احتجاجية ثانية أمام غرفة التجارة والصناعة يوم 03/09/98 تدخلت على إثرها قوات القمع لتعتقل سبعة مناضلين وتمت ملاحقة المعطلين والمعطلات ومحاصرة المقر مما خلف إصابات وإغماءات نقلت إلى المستشفى بعد طول انتظار.

لقد ربط مسئولي الأمن وكذا الوكيل العام إطلاق سراح المعتقلين بتوقيع بروتوكول أمني يرمي إلى ضرب الصفة الثمتيلية للجامعة (الحق في التنظيم) وإفراغها من مضمونها الكفاحي إلى أن المعتصمين عبروا عن رفضهم القاطع لتوقيعه وتشبثهم المبدئي بحقهم في التنظيم وعزمهم النضال حتى إطلاق سراح رفاقهم.

هكذا تم إطلاق سراح المعتقلين يوم 05/09/98 مع متابعتهم قضائيا كسابقيهم أمام المحكمة الابتدائية يوم 02/09/98 على الساعة التاسعة صباحا بتهمة «التجمهر الغير المرخص به»

إن إصرار المعطلين على مواصلة نضالهم بحزم سيجد تعبيره في خوض مسيرة احتجاجية يوم 12/09/98 ناجحة لأزيد من 40 دقيقة جابت الساحة المقابلة للشاطئ بالمنطقة السياحية، هاته المسيرة لقيت تعاطفا ومساندة من طرف الجماهير الشعبية بالزغاريد وشارات النصر.



إن القمع الوحشي الذي ووجهت به معركتنا صلب صمودنا والتحامنا بكل الإطارات المناضلة محليا التي تواجدت معنا بشكل يومي وفي كل الأشكال النضالية التي خضناها. كما جاءت البيانات التضامنية لهذه الإطارات صرخات مدوية ضد القمع والاعتقالات والمتابعات، حيث عبرت عن نضالها المبدئي واللامشروط من أجل إلغاء المتابعة عن الرفاق المعتقلين وعن رفضهم التام لأسلوب القمع والترهيب كجواب وحيد عن مطالب المعتصمين الشرعية والعادلة، فقد جاء في بيان أصدرته كل من نقابتي «سوبراتور وهوليدايز سيرفيس» أن هاتين النقابتين تنددان بـ«العلاقات الزبونية والمحسوبية (سياسية وتجارية) في بلد يتغنى «بالديموقراطية والعدالة الاجتماعية» ومنددة كذلك بالممارسة القمعية من طرف السلطات المحلية والتهميش والحصار والتعامل المكيافيلي مع قضية المعطلين من طرف بعض الأحزاب وحتى المنظمات الجماهيرية التي تدعي أنها في صف الكادحين»، كما أن نقابة بحارة الصيد الساحلي التي اعتبرت أن قضية المعطلين تهم كل الكادحين في هذه البلاد، فقد أصدرت عدة بيانات تضامنية تندد بقمع نضالاتنا معلنة دائما استعدادها للنضال بحزم إلى جانبنا من أجل فرض حلول فعلية لبطالتنا، كما أن هذه النقابة أصدرت إلى جانب كل من نقابة (و.م.ن.ح.) أكادير ونقابة مانيسوس والجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي… بيانا تضامنيا مع معركتنا إلى جانب ذلك وفي بيان مشترك لعدة إطارات نقابية من (ك.د.ش.) ومن (إ.م.ش.) وفرع الجمعية ثم الإعلان فيه عن التضامن الفعلي مع كل النضالات العمالية التي تعرفها أكادير جاء فيه: « دعوتنا كافة القطاعات العمالية من مختلف النقابات إلى وحدة الصف لمواجهة الهجوم على الحرية النقابية والمطالبة بإلغاء الفصل 288… ومدونة الشغل… التي تنوي الحكومة تقديمها إلى البرلمان…»، كما ركز البيان على أن «الوحدة العمالية هي شرط لابد منه لرد الوحش الرأسمالي على أعقابه وصيانة مكاسب العمال…» واختتم البيان بالدعوة التالية: «فلتتوحد جهود جميع المناضلين المخلصين لقضايا طبقتهم ومن مختلف النقابات فقد كلفتنا سنوات التشرذم هزائم لا تحصى، ويعيش اتحاد العمال تحت شعار نقابة واحدة، طبقة واحدة».

كما جاء البيان التضامني لنقابة (RAMSA) مع نضالاتنا ليوضح زيف الشعارات الرنانة التي يجمل النظام بها وجهه حيث يقول البيان أنه: «مرة أخرى بتأكيد التابث في أسلوب التعاطي الرسمي مع نضالات المعطلين حيث تدخلت مختلف أجهزة القمع بكل وحشية لمحاصرة مقر الاعتصام ونسف المسيرة…»

كما أصدرت الإتحاد الوطني لطلبة المغرب لجامعة إبن زهر بيانا تضامنيا يعبر فيه عن تضامنه المبدئي مع نضالات المعطلين واستعداده للانخراط في كافة نضالات الجمعية محليا ووطنيا كما أكد البيان على: «ضرورة وحدة كل المضطهدين، المعطلين، العمال، الطلاب، النساء والمهمشين في النضال ضد البطالة من أجل خلق ميزان قوى اجتماعي كفيل بانتزاع مكاسب حقيقية وليس فتات موائد البرجوازية…»





ولقد جاء قرار المسيرة هذا الذي أعلن عنه في الوقفة التضامنية الاحتجاجية أمام المقر التي دعت إليها لجنة دعم المعطلين والتي احتشد خلالها أزيد من 500 عامل وعاملة ومكاتبهم النقابية وممثل لـ(ج.م.ح.ا.) وكل المتعاطفين مع المعركة مجسدين على أرض الواقع أن النضال من أجل جبهة اجتماعية لمناهضة البطالة ليس وهما مثاليا. هذا القرار جاء كوسيلة ضغط من أجل فرض تنازلات فعلية على السلطة. إلاّ أن هذه المسيرة ووجهت بالمنع التعسفي في إطار حوار أمني مع الولاية حيث تم التهديد في حالة تنفيذها وهذا ما وقع فعلا، فبعد تأجيل قرار المسيرة نظرا لدعوة الولاية الفرع إلى الحوار يوم 22/09/98 الذي أفضى إلى: - الالتزام بإعداد جرد للمناصب المتوفرة في المجال الترابي للولاية ومجموعة من الوعود: 50 بطاقة للنقل الحضري/ أكشاك، خدمات صحية على أن يكون الرد النهائي يوم 28/09/98، هذا الحوار تلاه حوار مع عمالة إنزكان أسفرت عن تفويت 13 منصب للجمعية والاستفادة من 50 محل تجاري بالحي الصناعي لأيت ملول / [ينقص هنا سطر أو أكثر] يفضي سوى إلى تحقيق إمكانية الاستفادة من الأكشاك والبورصة الدولية للخضر، وفي اتصال مع السيد نائب وزير التربية الوطنية تم تفويت «11 مناصب» معلمين عرضيين.

بعد كل هذا نفاجأ بتنصل الولاية من التزاماتها كما أن عمالة إنزكان بعد الاتصال بها تأكد بأن الأمر لا يعدو أن يكون سوى وعودا مما دفع بالمعتصمين إلى إنزال قرار المسيرة نحو ولاية أكادير والتي عرفت كل أطوار التعبئة لها مضايقات وتهديدات من طرف أجهزة القمع. لكن ذلك لم يمنع من حشد التأييد الشعبي لها لتكون بالفعل، رغم الحصار المضروب على مقر الاعتصام ومنع الجماهير من الالتحاق به مسيرة محلية شعبية ضد البطالة.
لقد تدخلت قوى القمع لتنكل بالمتظاهرين حيث تعددت الإصابات حتى في صفوف المساندين وكذا المعطلين وعلى رأسهم رئيس الجمعية وطنيا «رضوان الهكاري»، هكذا إذن تم افتتاح عهد تصفية ملفات حقوق الإنسان بآكادير.

إن الفرع المحلي والذي يواصل معركته المفتوحة حتى فرض الاستجابة لمطالبه العادلة لا يزال مصرا على تنفيذ قرار المسيرة الشعبية المحلية ويدعو كافة مناصري الحق في التشغيل إلى المساهمة فيها ودعم معركتنا.

وشكل الاستعداد للمسيرة الوطنية عملا نضاليا موازيا لمعركتنا حيث تمت التعبئة لإنجاحها على أوسع نطاق، كما قام الفرع المحلي على غرار الفروع الوطنية بتنظيم يوم تعبوي لـ 17/10/98 حضرته كل الإطارات المناضلة محليا اختتم ككل الأشكال التضامنية بوقفة احتجاجية أمام المقر لقيت إقبالا جماهيريا واسعا وأفضى هذا اليوم التعبوي إلى تأسيس لجنة محلية دائمة لدعم نضالات المعطلين كأداة للنضال الجماعي محليا ضد البطالة وأخذت على عاتقها حاليا المساهمة الفعالة إنجاح المشاركة في المسيرة الوطنية.

 

 

 

3 ـ تقييم مسار الفرع منذ التأسيس



تأسس الفرع المحلي في مارس 95 في جمع عام حضره 96 معطل ومعطلة لكن سرعان ما ستتقلص قاعدته حيث كان ضعف الحضور للاعتصامين الذين جرى خوضهما محليا (3 أكتوبر 27 نوفمبر 1995) بمقر ك د ش ، وكذا هزالة مشاركة الفرع في الاعتصام الوطني بالرباط (26 و27 أكتوبر 95) مؤشرين على هشاشة الفرع التي سيعمقها شلل المكتب وغياب طاقات مكافحة تبادر وتتحمل التعبئة الضرورية، حيث أصبح معدل الحضور لا يتجاوز 15 معطل ومعطلة
جاء صدور العدد الأول من نشرة المعطل المكافح في أبريل 1996 في إطار العمل على تفعيل النقاش وتحسيس القواعد لكن ضعف التوزيع والمتابعة حال دون تحقيق ما كان منتظرا.
لم تسمح المعركتين الوطنيتين (يونيو 1996 وأكتوبر 1996) بإعطاء دفعة نضالية للفرع وتكسير وضعية الجمود التي يعيشها. ورغم تجديد المكتب مع بداية 1997 سيستمر الفرع في تخبطه إلى حدود انطلاق معركة غشت 1998 المحلية التي سنحت بأول قفزة نوعية في تاريخه. ويرتبط هذا بعاملين:
1-التحاق مجموعة من الطاقات الكفاحية بالفرع
2-معركة 25 مارس 1998 الوطنية وما أحدثته من نقاشات مع صعود ما يسمى بحكومة التناوب خلقت نفسا جديدا داخل فروع الجمعية ككل. شاركنا في هذه المعركة بإعداد العدد الثاني من المعطل المكافح الذي أعطى إشعاعا وطنيا للفرع بعد النقاشات التي أحدثتها مواضيعه (الكشف عن دور مجلس الشباب والمستقبل في تدجين الشباب وخداعه، ونقد التنظيرات الليبرالية حول البطالة ومحاربة الأوهام بصدد التحالف معهم)
دامت معركة الفرع المفتوحة قرابة 3 أشهر (86 يوم) وتخللتها أشكال نضالية جريئة (وقفات مباغتة في الأماكن الحساسة من المدينة خصوصا مع تكاثر السياح في فصل الصيف) توجت بمسيرة 14 أكتوبر 1998 خلف قمعها تضامنا شعبيا واسعا مع المعطلين. كان معدل الحضور في المعركة يتراوح بين 40 و50 معطل ومعطلة لكن مع مجهود متواضع لتنظيم جو من النقاش الجدي داخل المعتصم (عروض، نقاش جماعي لإعداد المعطل المكافح الخ). ومع طول مدة المعركة وعدم تحقيق أية مكتسبات ملموسة بدأت بوادر التعفن الداخلي داخل المعتصم مما دفعنا في اتجاه توقيف المعركة، وكانت دعوة المكتب التنفيذي إلى التعبئة لإنجاح مسيرة شعبية شعبية ضد البطالة يوم 26أكتوبر 1998 بالرباط فرصة لذلك. هيئنا العدد الثالث من المعطل المكافح وعملنا على توزيعه في المعركة الوطنية بعد ذلك دفعتنا الحملة المسعورة على الفرع المحلي إلى التفكير في أشكال فضح خلفيتها الفعلية والتشهير بالمنحى اليميني الذي تجلى بوضوح خاصة بعد جلسات «الحوار» مع مسئولي الحكومة وإلغاء معركة 10 دجنبر والمشاركة في مناظرة مراكش. هكذا جرى تنظيم نقاش داخلي متمحور حول الورقة التقييمية لمسار الجمعية منذ تنصيب حكومة ما يسمى بالتناوب، جمعت خلاصته في كراس. كما حاولنا التنسيق مع كل الفروع المستاءة قصد إيجاد خطة للدفع بالنقاش على المستوى الوطني. ومن هنا مشاركتنا في الأيام التكوينية الجهوية بمراكش في 26 دجنبر 1998 حول موضوع مشروع مدونة الشغل لكن دون تحقيق أي تقدم ملموس في تعميق النقاش وإيجاد أشكال ملموسة للعمل المشترك.

سيتجدد مكتب الفرع يوم 19 يناير 1999 وستستمر سلسلة الحوارات الفارغة مما خلق نوعا من الروتينية داخل الفرع ومن هنا نضجت فكرة تسطير برنامج نضالي يبدأ مع دخول فصل الصيف.
هكذا انتهت دوامة الحوارات الفارغة والنقاش الداخلي حول تقييم مسار الجمعية والبرنامج النضالي (أزيد من سبع جموعات عامة متواصلة) قوانا الداخلية وقادت إلى نزيف في قاعدة الفرع المحلي.
كانت معركة أبريل 1999 الوطنية أول محطة نوعية لمشاركة الفرع الوطنية بعد مسيرة 26 أكتوبر ونفس الشيء أبان إحياء ذكرى التأسيس واثنين القمع الأسود يوم 26 أكتوبر 1999 وكذا الإعداد للمؤتمر الخامس والمشاركة فيه بفاعلية حيث عملنا داخل اللجنة التحضيرية وفتحنا نقاشا داخليا في الفرع توج بالعدد الخاص من المعطل المكافح الذي تضمن حصيلة عمل اللجان حول مشاريع المؤتمر. غير أن دينامية الفرع المحلي خفتت بعد ذلك وشارك مشاركة محتشمة في معركة يونيو 2000  التي شهدت قمعا وحشيا (القنابل المسيلة للدموع، قطع الماء والكهرباء عن المقر وهدم جزء منه ومنع دخول الأكل الخ) هذا التراجع أصبح واضحا إبان المعركة الأخيرة 11 دجنبر 2000.
وضعية الفرع الراكضة عمقتها عدة عوامل: تقلص القاعدة، غياب المقرات، ضعف التضامن، فشل معارك نضالية متوالية وتراجع وشلل المكتب. هذه العوامل قادت إلى إعادة التفكير في طريقة بناء واشتغال الفرع المحلي. سيتجدد المكتب في شهر أكتوبر 2000 وعمل على تحيين وإغناء التصور التنظيمي للفرع الذي تمت المصادقة عليه في جمع عام عادي والذي ركز على ضرورة:
1- تفعيل مقررات الجمعية الوطنية
2- تفعيل اللجان المحلية التابعة للفرع
3- العمل على تشكيل مجلس الفرع

بعد ذلك سيتم الدخول في خلاصات النقاش:

* عقد أيام إشعاعية بتكوين
* وقفة احتجاجية ناجحة بنفس المنطقة
* تجميع المعطلين بالمناطق الأخرى (لم نحقق المطلوب إلى حدود الآن)
* مسيرة احتجاجية فاشلة بتكوين. أسباب ذلك: ارتباك المكتب الواضح، عدم تقدير القوى الذاتية بشكل كاف تم غياب المقر.

شكلت هذه المسيرة ضربة للدينامية المستنهضة في المرحلة الأولى بعد التجديد
بعد هذه الإطلالة الكرونولوجية، ما هي أخطائنا ومكامن ضعفنا؟

إذا كانت لدينا قناعة بناء فرع جماهيري كفاحي فهي لم تكن مرافقة بروح احترام القاعدة والإنصات لها بغية إيجاد أشكال ملموسة لإقناعها بجدوى نضالها من أجل الحق في الشغل. مازلنا متشبعين بأمراض سيئة نعتبر القاعدة متخلفة ولا يتم أخذ رأيها بعين الاعتبار وبأن القرارات الصائبة تتخذها شلة «المتقدمين سياسيا». يتجلى هذا في الجموعات العامة التي ليست مجالا لنقاش الديموقراطي بقدر ما تعقد لتمرير المواقف! كما في طريقة إعداد النشرات التي ليست ثمرة للنقاش على مستوى القاعدة، علاوة على تناولها مواضيع بعيدة نسبيا عن الاهتمامات المباشرة للمعطلين. هذا ما أدى إلى خلق نوع من التباعد بين المكتب والقاعدة ونمى حذر هذه الأخيرة من أولائك المتسيسين. مما يعني المساهمة في فقدان الثقة في نفسها وفي جدوى نضالها من أجل الحق في الشغل وبالتالي نقص استعدادها لخوض المعارك. ومن جهة أخرى، فتحت هذه السلوكيات المجال للسموم التي ينشرها أعداؤنا.
غياب أي مجهود من طرف المعطلين لتطوير معرفتهم النظرية والسياسية لامتلاك صورة واضحة حول مسألة البطالة وسبل النضال ضدها، مما جعلهم أسرى رؤية ضيقة لا تسمح لهم بامتلاك أجوبة سياسية للنضال ضد البطالة. والاقتصار على مشاكل الجمعية الداخلية بل ونقاش البطالة من تلك الزاوية.


الأفــــــــــاق:
1- بعد المحطات التي تلت التجديد، هناك تفكير جدي من أجل تصحيح مسار الفرع وبنائه جماهيريا.
2- يتم التحضير لجمع عام عادي لنقاش جدول الأعمال التالي: * معركة محلية + * الملف المطلبي + * إصلاح الوضع التنظيمي.
3- الرهان على محطات نضالية وطنية نوعية تشكل الأيام التكوينية بمراكش بدايتها

ملاحظات:
1. طغيان الجانب السردي للأحداث مما جعل مهمة التقييم قائمة
2. ينقسم التاريخ النضالي للفرع إلى ثلاثة مراحل متميزة ينبغي تحليلها: منذ التأسيس إلى معركة غشت 1998، محطة غشت 1988، ثم ما بعد غشت 1998
3. ضعف مكتسبات الفرع رغم حجم التضحيات وعدم استثمار الدينامية التي خلقها.
4. السقوط في منطق فرض الحوار في المرحلة الثالثة مما يعني ارتكاب أخطاء ننتقدها
5. إلى حدود الآن لم نتمكن من بناء فرع جماهيري رغم قناعتنا بذلك
6. عدم الإشارة إلى المعيقات التي فرضتها علينا خصوصية مدينة أكادير.



*  - أنظر: من أجل بناء جمعية للمعطلين كفاحية جماهيرية

الثلاثاء، 7 دجنبر 2010

المشاريع الإعدادية للمؤتمر الخامس


- التصور العام
- المذكرة المطلبية وخطة العمل المرحلية.
- المقرر التنظيمي والإعلامي.



التصور العام


تقديم
لقد سبق لمؤتمرنا الرابع أن حدد تصوره العام فيما يخص أسباب البطالة وتمظهراتها، وكذا الاستراتيجية العامة للنضال من أجل إلغائها. وليس مشروعنا الحالي سوى تذكيرا للخطوط العامة للهجوم البرجوازي وتحييننا للمعطيات، وبعض تجاربنا النضالية التي بينت بالملموس صحة أفكارنا وأيضا بعض مكامن ضعفنا وهذا طبيعي نظرا لحداثة تجربة جمعيتنا. لكن علينا القيام بالمزيد من التفكير والنقاش والمبادرات العملية لجعلها إطارا كفاحيا يساهم في بناء حركة جماهيرية واسعة في إطار جبهة اجتماعية موحدة للنضال ضد السياسات الطبقية.

1)- البطالة والإقصاء مرتبطين بنمط الإنتاج الرأسمالي غداة انهيار الأنظمة البيروقراطية في الشرق، بشرت الدعاية الإمبريالية بقدم عالم الرفاهية والوفرة والتحرر الإنساني. وبعد مرور عقد من الزمن تبين للبشرية أن هذا النظام العالمي الجديد ليس سوى عالم الحروب واللامساواة والمجاعة والبطالة والإقصاء الاجتماعي: نصف سكان الكرة الأرضية (3 ملايير) يعيشون بأقل من 15 درهم في اليوم مع ما يعني ذلك من بؤس وحرمان، في وقت يملك فيه 3 من أكبر الأغنياء في العام يملكون ثروة تفوق مجموع المداخيل الداخلية الخامة لـ 48 بلدا الأكثر فقرا (أي ربع مجموع دول العالم). قرابة ألفي مليار دولار تصرف في حروب هستيرية، قوامها الغطرسة والتعجرف مخلفتا ملايين القتلى واللاجئين وفي حملات إشهارية وهو ما يعادل ديون دول الجنوب التي تعمق تخلفها وخضوعها لدوائر الإمبريالية. ليس هذا قدرا محتوما، بقدر ما هي مرتبطة بنمط الإنتاج الرأسمالي الذي يقوم على ضمان حد أقصى من الربح لشلة من الرأسماليين عبر استغلال ونهب ملايين الكادحين. فحسب منظمة الأمم المتحدة، يكفي سن رسم 4% على 225 من الثروات الكبيرة في العالم للحصول على 40 مليار الكفيلة بتلبية الحاجات الأساسية لمجمل سكان العالم (الأكل والماء الصالح للشرب والتعليم والصحة).

لقد دخل هذا النظام مرحلة جديدة من تطوره تسارعت معه وثيرة التوسع التجاري عبر العالم والاندماجات الكبرى بين الشركات العملاقة العابرة للقارات وتدويل الرساميل المضارباتية وتقليص الاستثمارات المنتجة. لكنها في نفس الوقت كشفت عن أزمته في ضمان ازدهار اقتصادي شبيه بفترة الستينات، وعن عجزه عن تلبية الحاجيات الملحة للبشرية ووضع حد للارتفاع الصاروخي لمعدلات البطالة الدائمة. ولعدد المعوزين والمهمشين من النساء والشباب.
غالبا ما تتذرع البرجوازية الحاكمة في المغرب بهذه الأزمة العالمية لتبرير مواصلة نهبها لثروات البلاد وإفقارها لشرائح الشعب الكادحة. فنجدها تفسر البطالة الجماهيرية والإقصاء الاجتماعي بالظرفية الاقتصادية وبتكاثر السكان، وذلك لحجب طابعهما البنيوي المرتبط أساسا بتخلف البنية الصناعية وبضعف التراكم الرأسمالي، وبخضوعها لمخططات المراكز الإمبريالية.
لقد فجرت نضالات حاملي الشهادات هذه التناقضات بقوة، كاشفة عجز هذه البرجوازية عن ضمان منصب شغل يضمن حدا أدنى من العيش لعشرات الآلاف من الشباب المتعلم، دافعة إياهم إلى غياهب التشريد والإحباط. وبهذا أعطت لمسألة النضال ضد البطالة والإقصاء بعدها الاجتماعي العميق، وطرحت إشكالية مدى إمكانية مساهمة الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب في إعطائها مضمونا طبقيا يدفع في اتجاه القضاء على النظام الرأسمالي المبني على الربح والاستغلال وإقامة مجتمع مبني على تلبية الحاجيات الاجتماعية والمساواة بين المنتجين.

2)- تنفيذ مخططات المؤسسات الإمبريالية يعمق الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي التبعي بالمغرب.
1) «سياسة التقويم الهيكلي»

 أ- جوهرها

«سياسة التقويم الهيكلي» هي مجموعة من المخططات فرضتها المؤسسات الإمبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالخصوص) على مجموعة من البلدان «المتخلفة»، وضمنها المغرب لاستيراد ديونها بغض النظر عن نتائجها الكارثية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وقد وافق المغرب على تطبيق هذه السياسة سنة 1983، بعد أن تفاقمت مديونيته واختلت توازناته المالية. وتتلخص محاور هذه السياسة في:

- تقليص الميزانيات الاجتماعية
- تقليص الاستثمارات العمومية
- تقليص النفقات العمومية المرتبطة بدعم أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية
- تشجيع الصادرات لجلب العملة الصعبة
- تحرير الواردات وإلغاء التدابير الجبائية.

كان من نتائج هذه السياسة توقف الدولة عن التوظيف الذي يعد إحدى الأسباب الأساسية لبطالة حاملي الشهادات، حيث بلغ معدل عدد مناصب الشغل التي توفرها في بداية التسعينات 10 ألف منصب، مقابل 45 ألف سنة 1982، في وقت يفوق عدد المتخرجين في الجامعات 17 ألف سنويا. كما أن ضعف استثماراتها (أصبح لا يمثل سوى 6% من الدخل القومي الخام في 1987، مقابل 21% سنة 1977) قلص من فرص الشغل وزاد من طابعها الموسمي. وأدى تقليص دعم المواد الاستهلاكية الضرورية الذي ترافق مع الزيادة في الضرائب غير المباشرة والضرائب على الأجور والمرتبات (علاوة على جمودها) إلى ضرب القوة الشرائية لأغلب شرائح الشعب الكادح، وبالتالي إلى كساد في الأسواق وإفلاس العديد من المقاولات المرتبطة بالسوق الداخلية وتسريح عمالها.

انسحاب الدولة من ميدان التشغيل يقابله قطاع خاص هجين مشكلا أساسا من المقاولات الصغرى والمتوسطة (90%) التي تتميز بضعف الإنتاجية وعدم صمودها أمام المنافسة. وقد زادت إجراءات «التقويم الهيكلي» من هشاشة هذا القطاع حيث أدت تخفيضات قيمة الدرهم لتشجيع الصادرات إلى الزيادة في تكاليف المستلزمات السلعية المستوردة وبالتالي إلى زيادة تكاليف الإنتاج المحلية في كافة القطاعات الإنتاجية، علاوة على الثقل الضريبي وارتفاع معدلات الفائدة، ولجوئها إلى تقليص التكاليف المرتبطة باليد العاملة. كما أن تحرير الواردات زاد من ضعف تنافسية الصناعات المحلية وعرض العديد من المقاولات للإفلاس وبالتالي بطالة مستخدميها.

ب) نتائجها الاجتماعية

* ضرب إحدى الحقوق الأساسية للموظفين المتمثلة في توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية:
- تعليم: معدل الأمية حوالي 70% وبنية هزيلة مع زيادة ساعات العمل لرجال التعليم (في وقت يحرم الآلاف من الخريجين من حقهم في منصب شغل) وضرب مجانية التعليم، الخ.
- صحة: حوالي 4 أطباء لـ 10 آلاف مواطن، زائد قلة المستشفيات (12 مستشفى وطني) وضرب مجانية الخدمات الطبية، الخ.
- سكن: دور صفيح وأحزمة البؤس مقابل عمارات ضخمة أكثر من نصف شققها فارغة.

+ تنامي الفقر والإقصاء عبر ضرب دعم أسعار المواد الضرورية والقوة الشرائية: 11 مليون مواطن تحت عتبة الفقر. أوسع شرائح الموظفين لا تتجاوز أجورهم 3000 درهم في الشهر، ويبلغ الحد الأدنى للأجور 1700 درهم بالنسبة للقطاع الصناعي والتجاري و1100 درهم في القطاع الفلاحي، علما بأن أكثر من 70% من الشركات لا تحترم هذا الحد الأدنى. في حين تقدر مستلزمات معيشة شهر واحد بـ 5000 درهم!

قامت الجماهير الكادحة بالعديد من الإنفجارات للتعبير عن وقائع البؤس والإقصاء الاجتماعي (ثلاث انتفاضات عفوية في ظرف عشر سنوات)، لكن دون نتائج فيما يخص ردع  الهجوم البورجوازي. فقد تبنت القيادات النقابية منطق «التوافق الطبقي» و«السلم الاجتماعي»، طالبة من العمال مزيدا من التضحيات لضمان مصلحة المقاولة أولا! وبقيت النضالات عرضية لخناق الباترونا في غياب التضامن والإعلام العماليين.
وقد فتحت وضعية التراجع التي تعرفه الحركة العمالية المجال للطبقات الحاكمة لتواصل هجومها بشكل صريح وترتهن أكثر بالمؤسسات الإمبريالية التي أصبحت تتحكم مباشرة في توجيه السياسة العامة للبلاد. ومن هنا سياسة الخوصصة التي تهم مؤسسات استراتيجية (لاسمير ولاسنيب، السكك الحديدية والاتصالات في المستقبل القريب) من حيث وزنها الاقتصادي وعدد مستخدميها. وقد تبين أن التسريحات الجماعية ومضاعفة الاستغلال تشكلان أساس هذه السياسة الجهنمية.

يكمن إذن جوهر «سياسة التقويم الهيكلي» في تحميل أعباء أزمة النظام الرأسمالي التبعي، وعلى رأسها المديونية، للجماهير الكادحة. وبالطبع، لم تكن هذه الأخيرة مسئولة عن هذه الأزمة ولم تستفد من المديونية فيما يخص تلبية حاجاتها الاجتماعية وتعيش وضعية بؤس مدقع.

2)الانفتاح المعمم على السوق الرأسمالية العالمية
ستعمق التحولات التي شهدها العالم مع بداية التسعينات تبعية المغرب إزاء الدوائر الإمبريالية. فالاندماج التنافسي في السوق الرأسمالية العالمية يعني:

* تركيز الإنتاج المحلي على الأسواق الخارجية الذي يزيد من الهوة القائمة بين قسمين من المجتمع: أقلية رأسمالية محظوظة تستفيد من التصدير والأغلبية الساحقة تتخبط في مشاكل سوق داخلية قوامها ضعف القدرة الشرائية
* فتح المجال لدخول الرأسمال والسلع الأجنبية عبر إلغاء كل القيود الجمركية وتحرير التجارة والذي سيؤدي إلى تدمير قطاعات إنتاجية بأكملها وتشريد عمالها
* عقد اتفاقات الاندماجات الجهوية (الشراكة الأورو-متوسطية ومنطقة التبادل الحر) التي سيكون فيها المغرب بمثابة مستعمرة خاضعة لمشيئة القوى الإمبريالية الكبرى.

رافقت هذه الانفتاح المعمّم إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد المغربي عنوانها «تأهيل المقاولات لضمان تنافسيتها». عبر ماذا؟ عبر مضاعفة استغلال الطبقة العاملة وتقليص تكلفتها. ومن هنا التركيز على ما يسمّى بمرونة الشغل التي يشكل مشروع مدونة الشغل تكريسها القانوني.

هكذا ستدخل الشرائح الواسعة من الشعب المغربي طورا جديدا من البؤس والإقصاء الاجتماعي الشامل ينذر بانفجارات عنيفة لن تستطيع الطبقات الحاكمة احتوائها.

3)- نضالات المعطلين تعمق أزمة حكومة التناوب المزعوم
نُصِّبت حكومة ما يسمى بالتناوب كإحدى حلقات ضمان الشروط السياسية لمواصلة الهجوم الليبرالي على مكتسبات الطبقات الكادحة. فعمق الأزمة الاجتماعية يستدعي إرساء ميكانيزمات الاستقرار السياسي، وهذا هو الدور الموكول حاليا إلى أحزاب المعارضة سابقا في الحكومة الحالية.

فلم يمض وقت طويل حتى تبخرت كل الآمال المعقودة عليها، وتأكد بالكامل افتقادها لأية سلطة القرار. فمباشرة بعد تنصيبها كانت أمامها معركة المعطلين كإحدى تجليات احتداد التناقضات الاجتماعية. ولم يكن لديها من بديل سوى التمسك بالمخططات الإمبريالية المتمثلة في:
-وقف التشغيل في الوظيفة العمومية لتأدية الدين الخارجي
-توفير شروط الاستثمار عبر مرونة الشغل
- ربط التعليم بمصلحة المقاولة
- تخلي حاملي الشهادات عن كفاءاتهم لخدمة المقاولة (برنامج التكوين والتأهيل).
- تشجيع التشغيل الذاتي لزرع التنافس بين العاطلين
- توسيع الجمعيات التنموية لتحميل المواطنين أعباء البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية
- إرساء سياسة «التكافل الاجتماعي» لتحميل المواطنين أعباء الفقر المعمم.

لقد أكدت العديد من الاحتجاجات الجماهيرية وعلى رأسها المعطلين فشل هذه الاختيارات معمِّقة أزمة حكومة التناوب المزعوم التي لم تجد حلا سوى الخضوع لمنطق الاستبداد السياسي. نزلت بالهراوات الغليظة على رؤوس الآلاف المعطلين يوم 26 أكتوبر 98 بالرباط، وتتعرض العديد من فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب لقمع منهج ومحاكمة العشرات من مناضليها.  محاصرة الإضرابات العمالية ومحاكمة النقابيين بالفصل 288 من القانون الجنائي المشئوم. هجوم وحشي على مسيرة قرية أيت بلال بشيوخها ونسائها، وإطلاق النار على الجماهير المنتفضة بمدينة العيون…

4)- الجبهة الاجتماعية للنضال ضد البطالة ودور جمعيتنا
إننا إزاء وضعية يحكمها التناقض التالي:
من جهة، احتداد الأزمة الاجتماعية مع تنامي البطالة الدائمة والفقر اللذان يترافقان مع تدهور شروط عمل النشيطين من جراء احتداد الاستغلال الرأسمالي وفرض مرونة الشغل، ثم الخوف من البطالة الذي يغذيه عدم استقرار العمل. وهذا ما يمنح بعدا جديدا لمطالب إلغاء البطالة الذي يتطلب تعبئة كافة الشرائح الكادحة من عمال وعاطلين ومهمشين. ومن هنا تنبع الأسس الموضوعية لشعار الجبهة الاجتماعية الذي يضع إزالة البطالة الإقصاء في قلب استراتيجية بلدية.
ومن جهة أخرى، كشف تنامي نضالات المعطلين عن عجز الحكومات البرجوازية عن تلبية الحاجات الأساسية للجماهير. لكنه كشف أيضا ضعف الحركة العمالية في صد الهجوم البرجوازي الشامل. فالقيادات النقابية لم تضع أبدا إلغاء الديون ضمن مطالبها الأساسية، ولم تقم برد شامل على مجمل نتائج «سياسة التقويم الهيكلي» والانفتاح المعمم على السوق الرأسمالية العالمية وعلى رأسها البطالة الجماهيرية والفقر. لا بل تخلت عن التعبئة النضالية لانتزاع المكاسب وتبنت خيار «الشراكة» و«الحوار الاجتماعي» واستسلمت لتيار الليبرالية الجارف. وهذا الضعف يُفقد نضالات الحركات الاجتماعية، وعلى رأسها جمعية المعطلين، إحدى دعائمها الضرورية لتشكيل قوة ضغط فعلية، وتجعلها في وضعية هشة قد تفجرها هزالة المكتسبات. ومن هنا انتفاء الشروط الذاتية لتحقيق هذا الشعار على أرض الواقع حاليا.

وإذا كنا نمنح لشعار الجبهة الاجتماعية للنضال ضد البطالة مضمونا دعاويا، فعلينا أن نعمل بكل جدية لتقصير مسافة بلوغه. فعامل الزمن يكتسي أهمية كبرى، حيث يزرع فقدان البديل وسواد الأفق كل يوم الإحباط واليأس في صفوف الشباب ويغذي صفوف الرجعية التي تَعِدُنا بمجتمع قروسطوي. وقد تلعب جمعيتنا دورا كبيرا في التقدم على طريق خلق موازين قوى لصالح الحركة العمالية وفي زرع الأمل من جديد. وليس هذا تضخيما لقوانا. فنحن لا نملك القوة الاجتماعية لوقف آلة الإنتاج الرأسمالية. لكننا نملك طاقات ومؤهلات نضالية نستمدها من وضعيتنا المزرية التي تمنعنا من إقامة أي هدنة مع النظام الرأسمالي.

5)- آفاقنا البرنامجية
لقد سبق للتصور العام الذي تبناه مؤتمرنا الرابع أن حدد مفهوم النضال الجماهيري المنظم والواسع كجواب على واقع الانحسار الذي توجد فيه الحركة الجماهيرية بشكل عام وحركة العاطلين بشكل خاص. وألقى على عاتق جمعيتنا مهمة تقوية كل الإمكانيات المتوفرة لنسج تحالف صلب مع كافة القوى المجتمعية، نقابية وسياسية وحقوقية التي لها المصلحة الفعلية في النضال ضد البطالة وضد النظام الاقتصادي والاجتماعي المسئول عن تعميقها. على هذا الأساس، فإن قاعدة النضال ضد البطالة تتشكل في حملة الشهادات بمختلف أنواعها ومن الشباب العاطل في الأحياء الشعبية، ومن الشبيبة الطلابية في الجامعات، ومن النساء، ومن عائلات المعطلين والمعطلات بالمدن والقرى، ومن العاملات والعمال المطرودين من مؤسسات الإنتاج الرأسمالي أو المشتغلون في ظروف مجحفة وغير مستقرة. هذه الفئات هي المتضررة بشكل مباشر من التداعيات المادية والاجتماعية والنفسية للبطالة. ومن شأن تطوير هذه الحلقات وتنظيمها في إطارات مندمجة أو مستقلة تنظيميا ومندمجة نضاليا، أن يخلق النواة الأولى لحركة جبارة يكتسي تأسيسها طابعا حاسما في النضالات المستقبلية. (راجع التصور العام المصادق عليه في المؤتمر الرابع؛ مارس 1997).
لقد كشفت العديد من معاركنا صحة منظورنا الشمولي هذا للنضال ضد البطالة مؤكدة الإمكانية الملموسة لتحالف كافة الشرائح الكادحة في مواجهة العدو الطبقي:
-شبه-الانتفاضتين الشعبيتين التي فجرهما قمع فرعي جمعيتنا بكل من خريبكة وجرادة. وليس من قبيل الصدفة أن يحدث هذا في مدينتين معروفتين بتركزهما العمالي
-التضامن الشعبي الواسع مع معارك العديد من الفروع (آسفي، فاس، أكادير، الخ لكن مازالت تراكماتنا ضعيفة في تجسيد هذه الإمكانية في أشكال تنظيمية تضمن لها الفعالية والاستمرار. فما زالت النضالات البطولية للمكفوفين والدكاترة والمهندسين والمجنّدين تخاض بمعزل عن جمعيتنا، وهو مؤشر إضافي على قصورنا الواضح في التنسيق حتى مع تلك الفئات التي نعتبرها في صلب صفوفنا. علينا إذن أن نحشد طاقاتنا من جديد لمد الجسور بيننا وبين كافة ضحايا الرأسمالية من العاطلين والعمال.




المذكرة المطلبية


في التصور العام لمؤتمرنا الرابع تبنينا ضرورة صياغة دقيقة وواضحة لأرضية برنامجية مطلبية تكثف مهام نضال مشترك مع القوى المناضلة الأخرى. هذه المهام يجب أن تتمحور أساسا حول التقليص الجذري لساعات العمل ولأجور الموظفين الكبار، ورفض مشروع المدونة بالإضافة إلى إلغاء الديون ورصد كل الأموال وساعات العمل المترتبة عن العملية لخلق مناصب شغل من شأنها المساهمة في الحد من البطالة. (راجع التصور العام للمؤتمر الرابع).
عدا مشروع المدونة الذي نادت جمعيتنا كل فروعها بالمساهمة في تشكيل لجان المناهضة، لم نقم بأي شيء يذكر في المطالب الأخرى. فبحكم خطابات أحزاب المعارضة سابقا حول إعطاء المطالب الاجتماعية وعلى رأسها البطالة مكانتها، راهنت جمعيتنا لبعض الوقت على صعود هذه الأحزاب إلى حكومة التناوب المزعوم (راجع رسالة المكتب التنفيذي إلى الوزير الأول في مارس 98). علينا إذن استخلاص الدروس، ووضع حد لسياسة «رد الفعل» الذي حكمت جمعيتنا إزاء هذه الحكومة التي سرعان ما تبين بأنها ليست سوى وكيلا لتنفيذ مخططات الإمبريالية.
إن تصورنا العام هو الذي يجب أن يحكم ملفنا المطلبي:
-مطالب كبرى تتعلق بالسياسة العامة للبرجوازية الحاكمة، وتكون محور معارك شعبية لتوحيد ضحايا الرأسمالية في أفق بناء الجبهة الاجتماعية للنضال ضد البطالة.
-مطالب جزئية تتعلق بمكاسب ملموسة تهدف إلى إضفاء طابع وطني على نضالاتنا المحلية والجهوية. وستكون محور معارك وطنية تتوج بمذكرات مركزية. وما على الفروع سوى متابعة تنفيذ الالتزامات من طرف الوالي (ممثل الدولة في الجهات) والمصالح الخارجية للوزارات. وطبعا، يكون للفروع أن تخوض بعض المعارك المحلية حول مطالب مرتبطة بخصوصياتها (مراقبة توزيع مناصب الشغل، الزبونية، الخ).

1)- المطالب العامة
1) إلغاء الديون
لم تصرف هذه الديون لخدمة الحاجيات الأساسية للجماهير، وإنما نُهب قسط منها وصُرف القسم الآخر أساسا في التسلح وتقوية الجهاز القمعي، الخ. على الكادحين الآن تحمل أعباء استردادها! 40 مليار درهم سنويا، وهي ميزانية تسمح بخلق أكثر من 40 ألف منصب شغل وبتعويض معمم عن البطالة لكل العاطلين بالحد الأدنى للأجر الحالي.
هناك عامل أساسي سيساعدنا على تجسيد هذا المطلب وترسيخه في أوساط الحركة الجماهيرية. إنها الصلة النضالية التي ربطناها بحركتي AC ! وATTAC  اللتين لهما تجربة وعلاقات مع العديد من المنظمات التي تناضل من أجل إلغاء ديون العالم الثالث.
2) إلغاء مشروع مدونة الشغل
كانت لدعوتنا بإنشاء لجان محلية للنضال ضد المشروع صدى لا بأس به. فلنواصل المبادرة وندعو مثلا إلى القيام بأشكال احتجاجية عند مناقشته في البرلمان. كما علينا القيام بتكثيف الجهود للتشهير بمضمون المدونة في الأوساط العمالية عبر تنشيط ندوات وإصدار كراريس ومطبوعات تبسيطية.

3) إلغاء سياسة الخوصصة
الخوصصة تعني التسريحات الجماعية (ساهمت بـ 24% من نسبة البطالة) وضرب استقرار الشغل من أجل ضمان الربح للرأسماليين. كما أنها تزيد من فتح المجال للشركات المتعددة الجنسيات التي أصبحت قوات استعمارية بامتياز.
إن إلغائها مع توظيف رؤوس الأموال في القطاع العمومي يمكِّن من خلق 150 ألف منصب شغل سنويا.

4) تقليص أجور الموظفين الكبار
تقدّر الميزانية المخصصة لأجور موظفي الدولة بحوالي 40 مليار درهم، تبلغ منها الأجور العليا أكثر من 20 مليار درهم، أي 40 ألف 40 ألف منصب شغل سنويا!

5) إصلاح جذري للنظام الجبائي
إن أعباء المداخيل الجبائية تتحملها الجماهير الكادحة: الضرائب غير المباشرة والضريبة على الدخل، في حين يعفى منها كبار الرأسماليين (الفلاحين كمثار). لابد من سنّ ضريبة مباشرة وتصاعدية على الثروات الكبرى وعلى الاستثمارات المضارباتية.

6) تقليص ساعات العمل مع تشغيل تعويضي دون فقدان الأجر
من السخافة أن تزداد وثيرة العمل ومدته بالنسبة للعاملين في وقت يحرم فيه مئات الآلاف من حقهم في الشغل. إن تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص من 48 ساعة إلى 40 ساعة مع رفع الحد الأدنى للأجر إلى 2500 درهم في الشهر، قد يسمح بخلق أكثر من 200 ألف منصب شغل! فلنعمل أقل ليعمل الجميع!

7) تعويض معمم عن البطالة
البطالة تُفقد الإنسان وجوده الاجتماعي (يعيش في المجاعة والحرمان) وكرامته (لا يُعترف به كمواطن كامل الحقوق). وهنا يكتسي مطلب التعويض المعمّم عن البطالة مضمونه الشعبي. فلنطالب بتعويض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور وبالحماية الاجتماعية لكل فئات العاطلين.

8) التشهير بغياب الحريات السياسية والنقابية والثقافية
لنجعل من عدم الاعتراف القانوني بجمعيتنا واستشهاد رفيقنا الحمزاوي والمتابعات القضائية في حق مناضلي جمعيتنا منذ تأسيسها ودورية وزير الداخلية لمنع الأنشطة في القاعات العمومية ومنع حق التظاهر معركة للتشهير بالاستبداد السياسي القائم. علينا أن نرفض رفضا قاطعا حضور وزير الداخلية في مفاوضاتنا مع الحكومة.

2)- المطالب الجزئية

1) الخدمات الاجتماعية
- مجانية التطبيب والخدمات الصحية
- مجانية التنقل سواء في المجال الحضري أو بين المدن
- الإعفاء من الرسوم الإدارية
- مجانية الإقامة في الأحياء الجامعية ومآوي الشباب للمعطلين المحرومين من السكن.
في كل مطلب من هذه المطالب الاجتماعية، علينا المطالبة بإصدار دوريات مركزية صريحة من الوزير الأول والوزارات المعنية.

2) خلق مناصب شغل
- مخطط استعجالي لخلق 25 آلاف منصب شغل لملأ الوظائف الشاغرة الناتجة عن خروج الموظفين إلى التقاعد النسبي
- إلغاء تعدد الوظائف وتعويض المناصب المزيفة (حوالي 30 ألف منصب)
إلغاء كل الساعات الإضافية لكافة أصناف رجال التعليم وتعويضها بمناصب شغل (20 ألف).

3) التعليم
- فتح أبواب المعاهد والمدارس العليا ومراكز التكوين أمام كافة المعطلين مع حذف شرطي السن القانوني لولوج الوظيفة العمومية والفرز القبلي، وذلك عبر إلغاء المباريات وتعويضها بمعايير تراعي الوضعية الاجتماعية (الحالة الاجتماعية، أقدمية الشهادات، السن، الخ)
- حق المطرودين سواء في الثانويات أو الجامعات في إتمام تعليمهم، وحق الراغبين في متابعة دراستهم العليا مع ضمان المنح ومجانية التسجيل والسكن في الأحياء الجامعية
- رفع مستوى التأطير بالجامعات والمعاهد العليا بما يسمح بتشغيل الدكاترة والمهندسين المعطلون
- الاندماج الفوري لكل المكفوفين المعطلين في الوظيفة العمومية
- تعميم الخدمة المدنية مع ضمان الإدماج


4) التكوين الاندماجي
- تعميمه على كافة حاملي الشهادات
تعويض منحته بأجرة شهرية لا تقل عن 2500 درهم في الشهر تكون على شكل سندات تسحب من الخزينة العامة أو الأبناك التابعة للدولة
- التصريح بالمستفيدين منه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
- خفض مدة التدريب إلى سنة على الأكثر
- أن يجري التكوين في مؤسسات إنتاجية فعلية
-تتكلف الدولة بإدماج المتدرب بعد سنة من التدريب بتوقيع عقد شغل دائم وأجر يناسب الشهادة المحصل عليها.

5) التشغيل الذاتي
- احتضان المشاريع من طرف الدولة وتحملها مصاريف إنجاز الدراسة وتسهيل المسطرة الإدارية
- زيادة قيمة القروض بنسبة 100% مع إلغاء الفوائد.
- إلغاء 10%
الإعفاء من الضريبة.

بالطبع لا تدعي هذه المذكرة المطلبية الشمولية، لكنها كافية لتشكيل أساس خطة نضالية مرحلية. وبالطبع، على جمعيتنا أن تعمق تفكيرها ونقاشاتها حول لا عقلانية هذا النظام الرأسمالي المتعفن وسبل خلق شروط مواجهته شعبيا. أفلا يشكل مثلا تنظيم كأس العالم لكرة القدم في المغرب مع ما يعنيه من تبذير الأموال طائلة حماقة كبرى وتحديا صارخا لكل فقراء هذا البلد؟

فلنرفع تحدينا نحن أيضا بالانتصار الأكيد.



خطة العمل المرحلية

تنبع خطة عملنا المرحلية من تصورنا العام الذي يجعل من كفاح جمعيتنا ضد سياسات الدولة ومؤسساتها الشكل الأساسي لبناء وتصليب حركتنا. لكنها تقوم أيضا على تقييم تجربتنا منذ المؤتمر الرابع كمحاولة لاستخلاص بعض الدروس التي بدونها لن نستطيع الارتقاء بممارستنا الجماعية.

1)- مأزق التجارب المحلية وضرورة إضفاء طابع وطني على نضالاتنا
منذ تأسيس الجمعية ومسار الفروع بتشابه: ينطلق الفرع من نضال حول مطلب: «فتح حوار جاد ومسئول». يُفتح «الحوار» حول وعود تتضمن مناصب بالجماعات والعمالات ومسائل التطبيب والأكشاك، الخ. الوعود لا تُنفذ. نضال جديد حول «تنفيذ الوعود». وهكذا يكرر كل فرع مأساة الآخر.
لقد كسرت المسيرة الوطنية ليوم 26 أكتوبر 98 دوامة المعارك المحلية المنغلقة على تجربتها الخاصة وشكلت منعطفا جديدا في تجربتنا. فمعظم نضالات الفروع للفترة التي تلتها كانت على شكل مسيرات محلية تكون فيها المشاركة مفتوحة أمام كل الجماهير الشعبية (بنجرير، خريبكة، أسا-الزاك، بني ملال، تزنيت، تطوان، سيدي قاسم، تطوان، طنجة، الشاون، العرائش، تازة، صفرو، جرادة، وزان، الرباط، الخ).
اقتنعت أغلبية الفروع تجريبيا بضرورة فكِّ عزلتها عبر توسيع قاعدتها النضالية لتطال الفئات الجماهيرية الأخرى. فالمسيرات غالبا ما تترافق مع معارك مفتوحة أو تُتوج ببرنامج نضالي تصاعدي، مع محاولات توسيعها لتتخذ طابعا جهويا كما جرى في تطوان والشاون والعرائش. ويبرهن هذا على وعي الفروع تدريجيا بعدم جدوى الأشكال النضالية التقليدية لتشكيل ضغط على السلطة لحملها على التنازل.
لكن حتى هذه الأشكال بدأت تستنفذ فعاليتها في غياب خطة لتركيز نضالات الفروع وتوجيهها في دينامية وطنية. وقد آن الأوان لمركزة نضالاتنا وفق منهجية مذكرتنا المطلبية. إن إضفاء الطابع الوطني على نضالاتنا سيسمح بتجاوز مأزق التجارب المحلية ويرفع مستوى وعي قواعدنا عبر الاستحضار الدائم للإشكالات الكبرى التي تعترض نشاط جمعيتنا ككل وخلف شروط النقاش الجماعي حولها.

2)- توسيع قاعدتنا النضالية على الأقل في أوساط حلفائنا المقربين
أكدنا في تصورنا العام على ضرورة توسيع قاعدتنا النضالية لتطال مجمل المستغلين. إنه رهان حيوي بالنسبة لتجربتنا.

أ) مسألة البطالة والتهميش يجب أن توجد في قلب الجامعات
إذا كانت جمعيتنا تعتبر الحركة الطلابية حليفا اجتماعيا أساسيا، فما زالت حصيلتنا لسوء الحظ جد هزيلة إن لم نقل منعدمة.
إن مصير حركتنا مرتبطة بتدخلنا الواعي في الوسط الطلابي. على جمعيتنا أن تعمل على تهيئ برنامج لعمل منظم ومنتظم بالجامعات وتسطر الأساليب التنظيمية لإنجازه والإشراف عليه. فالمعارك المركزية يجب أن تكون مقرونة بتنظيم أنشطة إشعاعية وتكوينية وطنية في الحركة الطلابية (نقاشات، أسابيع تثقيفية وتحسيسية، ندوات، الخ).

ب) توحيد مختلف فئات المعطلين:
أسرنا في تصورنا العام إلى قصور جمعيتنا في ربط صلات نضالية دائمة مع المكفوفين والدكاترة والمهندسين والمجندين. علينا محاربة محاولات البرجوازية لزرع روح التفرقة بيننا، عبر النداءات المتكررة إلى العمل المشترك وتسطير برنامج الأنشطة وندوات مشتركة.

3)- تنشيط الفروع بالمدن الحساسة:
هناك مدن تتوفر على كل الشروط لتلعب دورا استراتيجيا في نضالاتنا القادمة. فالدار البيضاء مثلا، وهي القطب الصناعي والمركز الاجتماعي الأول بالبلاد، لا تتوفر سوى على فرع وهو شبه – موجود. على جمعيتنا أن تتدخل لخلق فروع قوية في مدينة كالبيضاء أو زرع دينامية فيها، وأن تفكر بتغيير مركز نضالاتها إليها.

4)- العمل بمراكز التوجيه والإرشاد CIOP
تتوافد على هذه المراكز مئات المعطلين، وهي بذلك تعد مكانا للتشهير بسياسة الدولة في مجال التشغيل (التكوين الاندماجي، التشغيل الذاتي، الخ) والتعبئة للنضال ضد البطالة والتعريف بتجربة الجمعية. إن جمعيتنا مدعوة لوضع خطة وطنية وفرز لجان خاصة بالنشاط في هذه المراكز.

5)- التضامن النضالي الدولي
أكدنا في مؤتمرنا الرابع على ربط علاقات الصداقة مع كل رفاق النضال ضد البطالة في العالم. وعلى إطارنا أن يعمل على توسيع فروع التضامن النضالي الدولي وينشطه عبر المساهمة في بلورة الإطار المنسق والمنظم لهذا الهدف.
لقد قطعنا بعض الخطوات في هذا الاتجاه. لكن علينا القيام بمزيد من المجهودات لجعل هذا النقاش عاما في جمعيتنا وجعل هذه النقطة ضمن اهتمامات فروعنا. فإذا كانت الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي التبعي والاستبداد السياسي يدفعان بضرورة إضفاء الطابع الوطني على نضالاتنا، فإن خضوع بلدانا للمؤسسات الإمبريالية واندماجه في السوق الرأسمالية العالمية يجعلان من إضفاء الطابع الأممي على نضالاتنا أمرا لا مفر منه.
فلنطور علاقاتنا مع AC ! وATTAC ونساهم في تأسيس فرع ديناميكي لهذه الأخيرة في بلدنا. ولنعمل لتجسيد مقترح التوأمة بين فروع جمعيتنا وفروع هاتين الجمعيتين المكافحتين. ولكي نتقدم في إنجاز هذه الخطة المرحلية والقيام بتقييمات دورية، لابد من تجديد الآجال وكذا المسؤوليات لتنفيذها. وبذلك سنحصن تجربة جمعيتنا ونطورها.

 

 

المقرر التنظيمي

هناك ما يناهز نصف مليون عاطل من حاملي الشهادات. وقد بينا في تصورنا العام بأن كل المؤشرات تسير في اتجاه تنامي هذه القاعدة الموضوعية. لكن قدرة جمعيتنا على التأطير مازالت تعاني من ضعف شديد،حيث لا تتجاوز نسبة المنخرطين فيها 5% في أحسن الحالات. ويعود ذلك إلى ما هو ذاتي مرتبط بحداثة تجربتنا من جهة، ومن جهة أخرى بضيق الأفق الذي حكم تصوراتنا في البداية.
يجب أن يتلخص شعارنا لتوسيع القاعدة التنظيمية في المرحلة المقبلة في: «من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية وكفاحية».

1)- العمل التنظيمي الداخلي
- إلغاء معايير التنقيط التي تزرع التفرقة بين المنخرطين القدامى والمعطلين حديثي العهد بالجمعية، وتعويضها بمعايير اجتماعية أو بمعايير العدّ العكسي في التنقيط
- ربط قرار تأسيس الفروع بموافقة مجلس التنسيق الوطني، وذلك لمحاربة عدم فعالية التضخم التنظيمي على صعيد الإقليم والمبني أساسا على المنافسة على المناصب.
- جعل الفعالية النضالية مقياسا محددا لتحمل المسؤوليات في الأجهزة المحلية والوطنية
إدخال التعديلات التالية على القانون الداخلي:
* المادة 1: يعقد المؤتمر كل ثلاث سنوات بدل سنتين، وذلك لفسح المجال أمام الأجهزة الوطنية لتنفيذ خطة العمل لما بين المؤتمرين، ولمراكمة التجربة واستخلاص الدروس
* الفصل 3، المادة 21: إضافة الصيغة التالية: «أو من يراه مكتب الفرع من بين أعضائه أهلا لتمثيله في المجلس الوطني».

2)- ترسيخ الديموقراطية الداخلية

1) المعارك الوطنية
- توسيع مجلس التنسيق الوطني أثنائها
- فرز اللجان الداخلية لتنظيم المعارك من مجلس التنسيق الوطني عبر التصويت

2) المجالس الوطنية
- تغيير المسطرة المتبعة حاليا وتوسيع النقاش لاحتضان مختلف الآراء
- إلزام كل الفروع بإرسال تقارير عن نشاطها (وضع نموذج) أسبوع على الأقل قبل انعقاد دورة المجلس الوطني
- هذه التقارير يركبها المكتب الوطني في تقرير (مع إضافة نشاطه الخاص) يقدم للمجلس لنقاشه

3)- المؤتمر
إنها محطة حاسمة تستدعي من جهة محاربة التحضير من الفرق الذي لا يسمح بالنقاش الجماعي، ومن جهة ثانية، الحد من عدد المؤتمرين لتفادي تحويله إلى محفل للتصويت السلبي.
-فرز اللجنة التحضيرية من طرف مجلس التنسيق الوطني تقدم مشاريع الأوراق إلى الفروع
-تنظيم أيام دراسية بالفروع لصياغة أوراق الفرع، وانتخاب ممثلي الفروع إلى الندوات الجهوية (2 أو 3 منتدبين)
-عقد ندوات جهوية تصوغ أوراق الجهة وتنتخب منتدبيها إلى المؤتمر (6 جهات تنتخب كل واحدة منها 6 إلى 8 مؤتمرين)
-الأوراق الستة تجمعها اللجنة التحضيرية في مشروع يقدم للمؤتمر.

3)- العمل التنظيمي اتجاه فئات المعطلين الأخرى
إذا كانت مهمة توحيد مختلف فئات العاطلين في إطار جماهيري موحد عسير، فإن إمكانية إيجاد تنسيقات بينها موجودة. فكلها متضررة من سياسة الدولة وترفضها.
علينا أن نفكر بإنشاء إطار مركزي (التسمية لا تهم، فيدرالية أو جامعة، الخ) يوحد نضالات مجمل فئات المعطلين (المكفوفين والدكاترة والمهندسين والمجندين، الخ) حول مطالب عامة مع إمكانية خوض كل فئة على حدة معارك مرتبطة بمطالبها الخاصة. 



الإعلام

إن طوق الحصار على نضالات جمعيتنا تساهم فيه صحافة الدولة وصحافة خدامها الليبراليين في الحكومة الحالية. فهي تلجأ إلى تضليل وتشويه احتجاجاتنا وأشكالنا النضالية (المسيرة الوطنية ليوم 26 أكتوبر 98 أسطع مثال).
إن الأمر لا يتعلق فقط بتغطية صحفية مشوهة، بل بموقف الأحزاب الليبرالية التي تحرص كل الحرص على إفراغ مبادرات جمعيتنا من مضمونها الكفاحي والقضاء على دورها كمحفز ومحرض للتعبئات الشعبية.
في هذه الظروف، يساهم غياب نشرة مركزية منتظمة، التي تعد أداة التوجيه المركزي، في عزلة جمعيتنا وضعفها. فإلى متى سيظل مصير ركام من تجاربنا النضالية معرضا للإنذتار والتلف؟ وما الذي يحول دون إصدار نشرة مركزية بانتظام تكون منبرا لنقاش مركزي يقيم مختلف المعارك المركزية والمحلية ومسار الجمعية ككل الخ؟ ليس هناك من مبرر لهذا التقاعس الذي يفقدنا إحدى أكثر الأدوات فعالية في إعطاء الزخم لمعركتنا.
غالبا ما يجري التذرع بغياب القدرات الأدبية والمالية. إن تنامي تجربة النشرات المحلية تبين سخافة هذه المبررات.
فلنجعل من النشرة المركزية إحدى المهام الآنية. ويمكن أن تفرز لجنة الإعلام من داخل المجلس الوطني تتشكل غالبية أعضائها من الفروع التي راكمت تجربة في إصدار نشرتها المحلية.