لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


الاثنين، 3 يناير 2011

المنظور العمالي للنضال ضد البطالة*




-1) هل تتوفر الحركة العمالية منذ ظهورها عبر العالم على منظور للنضال ضد البطالة؟
كل ما ندريه، هو أن تاريخ حركات العاطلين ونضالهم عبر العالم رفعت فيه بعض فصائل الحركة العمالية في العالم الرأسمالي المتقدم شعارات في هذا السياق من قبيل السلم المتحرك لساعات العمل، وهي تعني توزيع ساعات العمل على جميع العمال دون المس بالأجور، مع إدراك أن القضاء النهائي على البطالة لن يكون بهذا الشكل، ولكن بالإلغاء الكلي لعلاقات الإنتاج السائدة.
وكل ما نريده أيضا، هو أن النضال ضد البطالة منذ ظهور الرأسمالية لم يكن البتة يمارس في إطارات أو هيئات مستقلة، وإنما كانت النقابات هي التي تقوم بهذا الدور. أمّا بروز حركات مستقلة للنضال ضد البطالة فلم يحدث إلا في شروط أخرى من تطورات النظام الرأسمالي.
أمّا بخصوص الحركة العمالية في المغرب، فليس في علمنا وجود لأي نضال ضد البطالة فيما مضى وكذلك حاليا، إذ يكاد اهتمام الحركة النقابية بموضوع البطالة أن يكون منعدما. فمؤتمرات النقابات لم تتناول البطالة إلاّ للتباكي حول تفاقمها وإدراج بعض الأرقام والإحصاءات التي تنهجها الحكومات المتعاقبة بالمغرب منذ الاستقلال (وهو نفس النقد الذي تقوم به سابقا أحزاب الأغلبية الحكومية حاليا). ويعود انعدام الاهتمام بالبطالة إلى الفهم الضيق للعمل النقابي والذي يُحصر في الدفاع عن مصالح الشغيلة العاملين فقط وغض الطرف عنهم عندما يكونون عاطلين. لا بل أكثر من ذلك، تقوم النقابات بسد الأبواب في وجه المطرودين من العمل معتبرة أنهم يفاقمون المشاكل فقط. ونشير إلى أن هذا الفهم الضيق للعمل النقابي هو الذي يجعل قضايا أخرى مهمة جدا بعيدة عن اهتمام النقابات كقضية المرأة والبيئة مثلا
لذا على المناضلين الكفاحيين خلق وتطوير تقاليد جديدة داخل النقابات في مجال النضال ضد البطالة، خاصة وأن التحولات الاقتصادية التي سيقبل عليها المغرب في إطار اتفاقية «الغات» وبناء «مناطق للتبادل الحر»، الخ، ستفاقم المزيد من اندماج الرأسمال التبعي بالمغرب في الاقتصاد الرأسمالي العالمي من موقف ضعف، وبالتالي المزيد من شروط البؤس الاجتماعي ورفع معدلات البطالة الجماهيرية. هذه الشروط هي التي تجعل النضال ضد البطالة كإحدى تمظهرات التناقض بين العمل والرأسمال يحتل موقعا أساسيا في برنامج المناضلين الكفاحيين داخل الحركة النقابية.
-2) كيف تنظر نقابتنا لشعار «جبهة اجتماعية لمناهضة البطالة»؟
أولا وقبل كل شيء، ليست البطالة سوى إحدى أوجه أهوال الرأسمالية المتخلفة السائدة في المغرب. فهي ناتجة عن كون الرأسمالية خربت أنماط الإنتاج ما قبل-رأسمالية بالقرى دون أن توفر عملا لليد العاملة التي كانت تشتغل في أنماط الإنتاج تلك. وقد جاءت السياسات الاستعمارية الجديدة لتفاقم البطالة بنقلها إلى صفوف الشباب المتعلم (شروط بئيسة لبلترة العمل الذهني). فلتقليص نفقات الدولة، فرض صندوق النقد الدولي النقص من الخدمات الاجتماعية (التعليم، الصحة، السكن، الشغل)، رغم أن حاجات الشعب المغربي إلى المدرسين والأطباء مازالت بعيدة جدا عن أن تكون ملباة. ثم إن مشكل الديون لن يترك للمغرب أية فرصة لتنمية اقتصادية مستقلة –ودونها لا مناصب شغل ولا أي شيء. لدى فإن مسألة النضال ضد البطالة هي في جوهرها مسألة نضال ضد ما يفرضه صندوق النقد الدولي على المغرب. بل أيضا العمال حاملوا السواعد وأيضا النساء اللائي يشكلن أكثر من نصف المجتمع تغيب أغلبيتهن من مسلسل الإنتاج، وكذا الطلاب المهددون بمستقبل غامض لا يحمل سوى ويلات التهميش والبطالة، ثم العائلات اللائي هن أيضا مستعدات للنضال من أجل الحصول على المقابل لما صرفوه على أبنائهم طوال السنوات الطويلة للدراسة دون نتيجة، ثم كذلك النقابات العمالية التي يجب أن تقوم بدور الممركز لهذه النضالات ضد البطالة (تجربة النضال ضد البطالة بفرنسا نموذجا). والجمعيات الحقوقية التي تعتبر نفسها مدافعة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
لدى فإن جبهة اجتماعية تلف كل هؤلاء للنضال ضد البطالة كأحد الأوجه البشعة لسياسات الأبناك الإمبريالية في بلادنا هي حتمية أساسا. لكن ما هي الإمكانيات الفعلية لقيام جبهة اجتماعية ولو حول مشكل البطالة وحده؟

لنلق نظرة على الأطراف المؤهلة مبدئيا للمشاركة في هكذا جبهة:

1)- النقابات العمالية
لقد سبقت الإشارة إلى منظورها الضيق للعمل النقابي، علاوة على أن ثمة ميولات قوية داخلها للاستسلام للرأسمال باسم الشراكة والتوافق والميثاق الاجتماعي وغير ذلك، لاسيما أولئك المرتبطون بحكومة «التناوب على خدمة الإمبريالية»، ويقابله ضعف ذاتي للتوجه الكفاحي داخل النقابات نتيجة شروط موضوعية وذاتية أكثر ليس المجال لتفصيلها هنا.

2)- الإطارات السياسية اليسارية
لن نقصد الذين فضلوا التخلي عن النضال ضد البطالة وركضوا إلى كراسي مسؤولية تسيير الأزمة التي تولدها. ولكن إذا قصدنا اليسار الجذري, فهو أيضا ليس له وجود جماهيري ولا حتى خط برنامجي واضح وراديكالي يعطيه القوة للمساهمة في النضال ضد البطالة. بل منهم من يحارب أطروحة الجبهة الاجتماعية لمناهضة البطالة، ولكن دون إعطاء أي بديل عنها.

3)- المنظمات الحقوقية
يبدو أن هذه المنظمات أنجزت خطوات هامة إلى الوراء في فهمها العام للنضال الحقوقي (وربما ستسحب مستقبلا حتى كلمة النضال من قاموسها لأنه ليس مصطلحا حقوقيا!). فهذه الجمعيات أصبحت غرفة فقط لتسجيل الخروقات وإصدار التقرير السنوي عنها والاتصال بالسلطات للاحتجاج الكتابي عنها. فكيف لها والحالة هذه أن تناضل ضد البطالة؟ إن ذلك يفرض النضال داخل هذه الجمعيات نفسها لترسيخ البعد الكفاحي والجماهيري للنضال الحقوقي من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تنادي بها.

4)- الجمعيات النسائية
هذه الجمعيات يغلب عليها الطابع النخبوي ويضغط فيها فهم للعمل ليس طبقيا، علاوة على أن البطالة، ولو بطالة النساء، ليست في سلم أولوياتها.

5)- الحركة الطلابية
يعلم الجميع ما تعانيه المنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من أزمة مستديمة سببها الشرط الذاتي أكثر من الشروط الموضوعية، وفاقمها الاكتساح «السلفي الرجعي». لذا، فإن وضعها الحالي لا يؤهلها لدور هام في النضال ضد البطالة (رغم وجود استثناءات في بعض المواقع الجامعية).

6)- الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب
نترك الكلام في هذا المجال للمداخلات الأخرى لأعضاء الجمعية. ولكن، نؤكد أن على هذه الجمعية التي تمثل الشريحة المنظمة من العاطلين أن تقوم بأدوار أساسية في هذا العمل.
هكذا، ومن خلال هذا الاستقراء لأوضاع هذه الإطارات يتبين (باستثناء ج. و. ح. ش. م. م.) أن قيام الجبهة الاجتماعية غير وارد في المدى المنظور، لأنه يتطلب تغييرات هامة تطال جذريا جميع المنظمات الجماهيرية الأنفة الذكر.
فماذا بوسعنا أن نفعل والحالة هذه؟
ليست لدينا إجابة دقيقة، ولكن سنركز على مسألتين:
أ)- يجب مواصلة الدفاع عن شعار «جبهة اجتماعية» في جميع الأوساط ولو بمعناها الدعاوي
ب)- يجب التفكير في تطوير سبل توليد رأي عام جماهيري واسع من خلال توسيع التشهير والتحريض والدعاية بضرورة النضال ضد وحش البطالة.
من خلال إقرارنا بهذا، وأيضا بكون شروط الجبهة الاجتماعية منعدمة آنيا، فعلينا أن نعمل على إنضاجها وأن نستثمر شروط كل منطقة ومدينة على حدة من حيث التنسيق بين الجمعية والنقابات وكل الإطارات التي يوجد بها مناضلون كفاحيون لتأسيس لجان مشتركة محليا للنضال ضد البطالة تصوغ أرضية وبرنامج عمل واضح وتتجاوز أسلوب الدعم بالبيانات فقط عبر القيام بمبادرات ملموسة، كما تتجاوز أيضا فكرة أنها (أي تلك الإطارات) تدعم جمعية تناضل ضد البطالة كمشكل يعنيها هي فقط (تجربة لجان الدعم)، ولكن باعتبار مشكل البطالة يعنيها هي أيضا وتقوم خلال عملها ذلك في هذه اللجان أو تلك ببداية تشكيل حركة واسعة وتُنضج شروط جبهة النضال ضد البطالة.
ليس هذا سوى مقترحات للتعامل مع الوضع الحالي، ولكن إجابة دقيقة تفرض ورشات جماعية للتفكير. وفي هذا الصدد نطرح الأسئلة التالية لإغتاء مقترحاتنا ومنظورنا ولتخصيب النقاش حول الموضوع:
.- ما هي الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها جمعية المعطلين لنسج علاقات مباشرة مع العمال؟
.- ما هي أشكال العمل الملموسة والدعاوية التي يجب على جمعية المعطلين أن تقوم بها لطرح شكل البطالة في قلب اهتمامات الحركة الطلابية؟ (وهو أمر قد يساعد في حل أزمتها)
.- كيف ستطرح الجمعية مشكل البطالة بكل تعقيداته في الجمعيات الحقوقية والنسائية، الخ؟
.- هل يمكن أن تفيد وداديات الأحياء والجمعيات الثقافية والاجتماعية في ربط صلات ليس مع المعطلين حاملي الشهادات فقط، بل مع كل المعطلين الآخرين والعمال أيضا؟
.- كيف سيساهم مناظلوا الجمعية في تقوية الأنوية النقابية المناضلة؟ لأن الاعتماد على الأنوية الضعيفة حاليا لن يولد سوى لجان وجبهات شكلية ليس إلاّ.
.- كيف سيتم تطوير جمعية المعطلين من النظرة الضيقة للنضال ضد البطالة؟ إذ من البديهي أن الجمعية وحدها ليست قادرة بتاتا على خوض النضال ضد البطالة، اللهم إذا تم اعتبار الفُتات الذي تلقي به الدولة حلا لمشكل البطالة!
ذلك ما يجب الاهتمام به وصياغة إجابات تمنحنا تصورا دقيقا لنضالنا. ونحن كنقابيين مستعدون مبدئيا للقيام بكل ما في وسعنا في هذا المسار العام.
* - مداخلة نقابة الصيد الساحلي (الإتحاد المغربي للشغل) بأكادير في الأيام التكوينية التي نظمتها ج.و.ح.ش.م.م. بمراكش، 26 دجنبر 1998.

ليست هناك تعليقات: