لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


سياسة الدولة في التشغيل



- المجلس الوطني للشباب والمستقبل:
لبنة أخرى لتقوية «البنية الأيديولوجية» السائدة

1)- سياق وخلفيات تأسيس المجلس:
أحدث المجلس الوطني للشباب والمستقبل في سياق تميز أساسا بقمع وسحق انتفاضة 14 دجنبر 1990 التي شكل شباب الأحياء الفقيرة عمودها الفقري على غرار سابقتيها (يونيو 81 ويناير 84). وإذا كانت هذه الانتفاضة ناجمة عن احتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تكشف إفلاس مخططات المراكز الإمبريالية، فقد جرى الدفاع بكل وقاحة عن هذه السياسات المفلسة عبر الدعوة إلى «ميثاق اجتماعي» يوفر شروط الالتزام بتوصيات البنك الدولي.
كانت هذه الانتفاضة تتويجا لمسلسل الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدته أواخر الثمانينات نتيجة سياسات التقويم الهيكلي. فالحركة العمالية خاضت إضرابات بطولية في قطاعات حيوية كالفوسفاط والفحم والبترول، الخ، أبانت عن طاقة جماهيرية كامنة قد تجاوز كبح البيروقراطيات النقابية لكنها، في نفس الوقت، تؤدي غاليا ثمن غياب الأداة المعبرة عن مصالحها الفعلية. وبرزت في الساحة الجماهيرية حركة اجتماعية جديدة متمثلة في العاطلين ذوي الشهادات الذين كشف تنامي نضالاتهم الإخفاق الملموس لسياسات الحكومة البرجوازية في مجال التعليم والشغل.
في ظل هذا التصعيد النضالي مدد عمر البرلمان خوفا بالضبط من النقاش السياسي الذي قد تحدثه الانتخابات والذي يزيد عن خطورة تجدر النضالات ويدفع بها في سيرورة تهدد أسس النظام القائم. وبما أن الهامش المادي للطبقات الحاكمة تقلص بحيث لم يعد يسمح لتلبية أدنى المطالب الاجتماعية علاوة على أن تضخم المديونية يفرض عليها نهج سياسات أكثر تقشفية خصوصا في المجالات الاجتماعية، لم يبق أمامها سوى القمع المباشر من جهة، والمناورة والتنازلات الخادعة لتحييد المعارضة الليبرالية واحتواء الغضب الشعبي من جهة أخرى. ومادامت تعرف أن القمع وحده لا يكفي لاستعباد شعب، كان تركيزها على تقوية «بنيتها الأيديولوجية» من خلال إحداث عدة مؤسسات تهدف إلى تطوير وتوسيع «الجبهة النظرية والأيديولوجية» السائدة. هكذا وبعد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي احدث في ماي 1990 لتصدي للحملة الإعلامية الخارجية ضد انتهاك حقوق الإنسان ومصادرة الحريات السياسية في المغرب، جاء الإعلان عن إنشاء المجلس الوطني للشباب والمستقبل في يوليوز 1990 كأداة للتفكير في كيفية امتصاص نقمة حاملي الشهادات المعطلين والحيلولة دون تجدر نضالاتهم.
تسعى الطبقات البرجوازية الحاكمة من خلال هذا المجلس إلى تكريس روح احترام النظام الرأسمالي لدى الشبان العاطلين وإقناعهم بفكرة أن مشكل البطالة يكمن ليس في بنية هذا النظام بل في شواهدهم التي لم تعد تتلاءم مع متطلبات السوق الرأسمالية. لدى تحدد دور المجلس في «المساهمة في تكييف أنظمة التربية والتأهيل بحسب ما تستلزمه متطلبات الاقتصاد المغربي…»[1] كما عليه أن «يدرس السبل الكفيلة بتكييف أنواع التأهيل الملقنة في معاهد التعليم والتأهيل المهني بحيث تستجيب لما تتطلبه سوق العمل من مهارات وكفاءات»[2]. إن «الاقتصاد المغربي» ليس سوى صيغة لتمويه الاستغلال المكثف التي تتعرض الشرائح العريضة المسحوقة من الشعب المغربي من طرف أقلية فاسدة لا يهمها سوى تنمية ثرواتها. فماذا تعني «متطلبات الاقتصاد المغربي» بالنسبة لشاب حصل بعد معانات طويلة على شهادة لا توفر له لقمة عيش ولا تفتح أمامه سوى آفاق بطالة مزمنة؟ وما ذنبه في عدم ملائمة شهادته لمتطلبات الرأسماليين؟ ولماذا عليه أن يؤدي ثمن إفلاس السياسة التعليمية من خلال ما يسمى بتكييف أنواع التأهيل؟
وتنص المادة الثامنة من الظهير المذكور على أن يتكلف المجلس الوطني للشباب والمستقبل بالمساهمة في «إعداد الشبان المغاربة إعدادا مناسبا يتيح لهم مواجهة المستقبل ويساعدهم على الاندماج في نظام الإنتاج الوطني». إنما يعني هذا أن الدولة البرجوازية لا تعتبر الشباب المغربي بشرا له متطلبات اجتماعية وتطلعات فكرية، بل فقط مهارات وكفاءات على المجلس أن يساهم في إعدادها لخدمة التراكم الرأسمالي. إنها تختزل دور العلم في تطوير التقنية للزيادة في أرباح الرأسماليين.
يتألف هذا المجلس من أعضاء الحكومة والباترونا، و، و، …[3] ويعينون بظهير شريف. وحرصا على استبعاد الجمعيات التي تنتقد سياسة الدولة وتخوض نضالات من أجل الدفاع عن مصالح الشباب (الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعلين بالمغرب والاتحاد الوطني لطلبة المغرب على سبيل المثال) أضافت المادة الثالثة من الظهير المذكور بالنسبة للجمعيات الجهوية وجمعيات الشباب صيغة «المعترف بها بأنها ذات نفع عام» (كذا!)، وأكدت على أن قوائم تلاميذ وطلبة مؤسسات التأهيل (الجامعات، المدارس والمعاهد الكبرى، معاهد التكنولوجيا ومراكز التأهيل المهني) التي تضعها السلطات الحكومية ليُعيَّن منها الممثلون لا يُسجَّل فيها «إلاّ أنجب تلاميذ وطلبة هذه المؤسسات» (كذا!).
وعكس كل المجالس الاستشارية الأخرى التي هي شبه-مجمدة، يعمل هذا المجلس بشكل منتظم ويقوم بأنشطة مكثفة. فمنذ تأسيسه عقد ست دورات[4] وقام بكثير من الأبحاث الميدانية والعمليات الإحصائية، كما نظم أيام دراسية وندوات عديدة وعمل على خلق شبكة واسعة من العلاقات الخارجية، علاوة على ركامات من الإصدارات والمنشورات[5]. وكل هذا إنما يكشف عن الإمكانات المادية الهائلة التي رصدت لهذا المجلس وعن الأهمية القصوى التي توليها له الطبقات الحاكمة.

2)- الحبيب المالكي: التفاني في التنظير الإيديولوجي البرجوازي
إن لتعيين الحبيب المالكي أمينا عاما للمجلس الوطني للشباب والمستقبل دلالة كبرى. فالحبيب المالكي نموذج فريد يعكس تطلعات هذه الفئة من المثقفين الجامعيين التي ابتعدت كل البعد عن هموم الشعب الكادح متفانية في الدفاع عن دولة الرأسماليين وبارعة في التنظير الأيديولوجي البرجوازي لخداع هذا الشعب وإبقائه في وضعية الخنوع والانصياع. فهو عضو قيادي في أكبر أحزاب المعارضة الليبرالية ونائب برلماني ويُعتبر أحد منظري البرجوازية الليبرالية المرموقين. وكأستاذ-باحث في الاقتصاد لا يتوان في استعمال بعض المصطلحات الماركسية في تحليلاته التي تسعى في الأخير إلى البحث عن أنجع السبل لضمان سير عادي لمجتمع الاستغلال الرأسمالي. ومن هنا اجتهاداته كرئيس لمركز الظرفية الاقتصادية لتبرير أزمة الاقتصاد المغربي البنيوية مبديا مهارة كبيرة في استخراج سيناريوهات تفاؤلية.
يحاول الحبيب المالكي إيهامنا بأن بطالة الشباب ظاهرة «طبيعية» يواجهها المغرب كما تواجهها مجتمعات أخرى، ويربطها بعاملين أساسيين: فتور الهرم الديموغرافي ببلادنا وعدم ملائمة نظامنا التربوي والتكويني لحاجيات عالم الإنتاج[6]. إذا كان الشباب يشكل أساس البنية الديموغرافية فذلك لا يشرح البتة لماذا تتزايد نسبة البطالة في صفوفه. إن أسباب البطالة مرتبطة بطبيعة المجتمع المغربي كمجتمع رأسمالي يقوم على العمل المأجور وبطبيعة دولته التي تسهر على توفير الشروط الملائمة لضمان التراكم الرأسمالي[7]. فالبطالة وكل أنواع الفقر لم تكن موجودة على الدوام بل ارتبطت بظهور الرأسمالية الصناعية. كتبت المناضلة الماركسية الثورية روزا لوكسمبورغ: «إن ما ولده الإنتاج السلعي الرأسمالي وكان مجهولا تماما في العهود السابقة، هو بطالة العمال، أي عدم استهلاكهم، بوصف تلك البطالة ظاهرة دائمة، وهو ما يطلق عليه اسم الجيش الاحتياطي من العمال… أمّا عدم استهلاك جزء من قوة العمل فإنه جزء لا يتجزأ من قانون الأجور في الإنتاج الرأسمالي»[8] … «إن جمهرة العمال غير المستخدمين، أي الذين لا يقبضون أجرا وكذلك شريحة العمال العاطلين موسميا من أبناء الطبقة العاملة، يزيدون عددا مع ازدياد الرأسمال والثروات وذلكم، كما يقول ماركس:«القانون العام والمطلق للتراكم الرأسمالي»»[9].
إن ما يزيد من احتداد هذه البطالة وتنامي طابعها الجماهيري تبعية المغرب وخضوعه للدوائر الإمبريالية. هذه الأخيرة أملت عليه «سياسة التقويم الهيكلي» زادت من إفقار أوسع الفئات الشعبية. كما دفعته إلى القيام بعدة إجراءات في إطار التحولات التي يشهدها الاقتصاد الرأسمالي على المستوى العالمي كانت لها نتائج اجتماعية كارثية.
فالجميع يعرف أن التسريحات الجماعية هي إحدى النتائج المباشرة لسياسة الخوصصة. إلاّ أن السيد المالكي يحاول عبثا تبرئة الطبقات الحاكمة من مسؤوليتها المباشرة معتبرا هذه الخوصصة أمرا واقعا: «حان الوقت لنغير طرحنا للخوصصة. فقد كنا نعتبرها كغول أو مرض من شأنه أن ينخر الجسم المغربي. هذا طرح فيه نوع من المبالغة. لكن مادام هناك أمر واقع، فيجب التفكير في الخوصصة من منظور آخر، أي كيف يمكن أن نجعل من الخوصصة عاملا للدفع بالحركية الاقتصادية إلى الأمام، وكيف يمكن أن نجعل من الخوصصة عاملا أساسيا لإعادة توزيع الثروات وكيف يمكن جعلها عنصر توازن أكثر تقدما مما نحن عليه الآن»[10]. ونحن بدورنا لن نبالغ في قولنا أن المالكي يعتبر بامتياز وبكل وقاحة عن منطق الرأسماليين الذين لا يعنيه سوى زيادة ثرواتهم بغض النظر عن ثمنها الاجتماعي. فإذا كانت الخوصصة ستدفع الاقتصاد إلى الأمام، فلتذهب مئات الآلاف من العائلات التي ستسرح وتفقد مصدر قوتها إلى الجحيم! المهم هو أن «يتماشى منطق الخوصصة مع منطق تطور الاقتصاد»! أمّا «توزيع الثروات» فجلي أنه لن يكون سوى في صالح الأغنياء الذين يمتلكون ما يكفي من الأموال لشراء أسهم الشركات التي تتخلص منها الدولة.
وبالنسبة لمديونية المغرب الهائلة، فالجماهير الكادحة تعرف جيدا أنها نُهبت واختُلست من طرف بيروقراطيي الدولة الفاسدين وأنها لم تستفد أي شيء فيما يخص تلبية حاجياتها الاجتماعية، لكنها ملزمة بتأديتها عبر الهجوم على العديد من مكتسباتها! لكن المالكي يقفز عن هذا الواقع الصارخ مقدما لأسياده البرجوازيين العفنين حلولا تكمن في «التوصل إلى اتفاق متميز مع البلدان الدائنة». ويعطي المثال بفرنسا التي تشكل نسبة مهمة من الدين الخارجي العمومي للمغرب موضحا على أنه «لا نطلب من فرنسا أن تلغي تماما مستحقاتها اتجاهنا، بل نقول لها بإمكانك أن تجعلي من هذه المستحقات استثمارات منتجة في مناطق الشمال مثلا. وهذا دليل على الرغبة في شراكة حقيقية…»[11]. هكذا إذن يحاول السيد المالكي أن يصرف أنظارنا عن إمكانية المطالبة بإلغاء الديون[12]. ويتستر عن المبالغ الضخمة التي أديناها على شكل فوائد والتي كانت أساسا وراء تضاعف الديون 20 مرة بين 1974 و1991![13]. ومادامت هذه المديونية تعرقل فرص الاستثمار الداخلي، يقترح المالكي أن نطالب من الشركات الإمبريالية أن تستكمل نهبها لبلادنا يجعل مستحقات الديون استثمارات في بلادنا! هذا هو منطق العقلانية العبثية التي يتميز بها المنظرون البرجوازيون!
وإذا كان الحكام يعلنون صراحة أن دولتهم لم تعد قادرة على توفير مناصب شغل وفاء لالتزاماتهم مع الأبناك الامبريالية، يسعى المالكي إلى تلطيف وقاحة أسياده لما يقول: «من قبل كان الهدف الأساس للشباب حاملي الشهادات، أن يلج الوظيفة العمومية وكان تتويج الدراسة يختزل في الحصول على عمل إداري. الآن، نلمس تغييرا جذريا في هذا المجال. فالشباب يطمح بكيفية متزايدة في بناء مستقبله من خلال تعزيز قدرته على خلق مقاولة صغيرة أو متوسطة…»[14]
3)- الشباب المقاول أو الشباب المناضل؟
يمنح المالكي للشباب ذوي الشهادات أفقين: فإما أن يكونوا مهارات في خدمة الرأسماليين وإما أن يعملوا على أن يصبحوا مقاولين متوسطين وصغار. وكلا الأفقين بعيدين كل البعد عن التطلعات الفعلية للشباب المغربي الذي تكشف نضال عن سخافة هذه الحلول وعن منطقها التدجيني. ومهما سعا خدام الدولة البورجوازية من أمثال المالكي إلى تمويه الأسباب الحقيقية لكل المصائب التي تصيب المجتمع وعلى رأسها البطالة وعدم استقرار الشغل، فإن الشباب المغربي يعرف جيدا بأن هذه الدولة هي المسؤولة الوحيدة عن تردي أوضاعه وعن التفكك الجسدي والمعنوي الذي يعيشه وعن القلق المتزايد إزاء وجوده[15]. وتكشف نضالات حاملي الشهادات المعطلين فشل كل أضاليل خدام البرجوازية في خداع هذا الشباب والتلاعب بمستقبله وطموحاته. كما تعد أسطع مثال على إصرار هذا الشباب على خوض كافة الأشكال النضالية باعتبارها أنجع الوسائل لفرض تنازلات فعلية على دولة الرأسماليين. ولم تنل غطرسة هذه الدولة وقمعها الهمجي من عزيمة المعطلين الذي مازالوا يخوضون الاعتصامات والإضرابات عن الطعام والمسيرات، الخ. ورغم أن الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعلين بالمغرب[16] تعاني منذ تأسيسها من الحظر القانوني والحصار الإعلامي، ورغم فتوة تجربتها، فقد راكمت رصيدا نضاليا جعل منها الجمعية الوحيدة التي يضع فيها المعطلون ثقتهم وآمالهم ويعتبرونها أداتهم الوحيدة للتعبير عن مطالبهم وفرض وجودهم.
لذا على جمعيتنا أن تعمل على منح آفاق تفاؤلية بديلة للشباب المعطل عبر:
-التركيز على الخط الكفاحي مع التفكير في صيغ نضالية جديدة تزيد من عزيمتنا وتدفع الدولة إلى الرضوخ لمطالبنا.
-محاربة وفضح كل الأكاذيب من قبيل «الإرادة السياسية» و«تفهم المسئولين» و«الأوامر العليا»، و«المصلحة العليا للوطن»، و«السلم الاجتماعي»، الخ، التي تضمن للدولة ربح الوقت وتثبيط معنويات المعطلين، وتحسيس هؤلاء بأن فرض مفاوضات حقيقية ونزع التزامات فعلية لن يتما إلا بالحزم والإصرار النضاليين.
-محاربة كل محاولات البرجوازية لجعل حملة الشهادات عاطلين من نوع «خاص» والعمل على زرع روح التضامن مع الفئات المعطلين الأخرى والتفكير في سبل الوحدة النضالية معهم لتشكيل قوة جبارة كفيلة بردع غطرسة الدولة
-العمل على تفنيد ممنهج لكل الأضاليل والسموم التي يحاول أن يزرعها المنظرون
البورجوازيين من أمثال المالكي، وتطوير «أيديولوجية مضادة» عبر النشرة المركزية ونشرات الفروع وإصدار كراريس لنبين للعاطلين أبناء الكادحين أننا نتوفر على كفاءات ومهارات ليس لنضمن الأرباح لكمشة من الرأسماليين القذرين بل لتسيير أمورنا بأنفسنا إذا جرت الإطاحة بهم.
-التوجه إلى القواعد النقابية وتحسيسها بالدور التدجيني الذي يقوم به المجلس الوطني للشباب والمستقبل والخداع الذي يمارسه على كافة شرائح الشباب وحثها على خلق نقاش ودينامية داخل النقابات تفرض على قياداتها الانسحاب من هذا المجلس وجعل هذا الانسحاب إحدى المقاييس الأساسية للتضامن مع المعطلين.

الإب. س.
02 مارس 1998




الصيغة الجديدة لبرنامج التكوين من أجل الإدماج:
تطبيق عملي لمشروع المدونة الجهنمي خدمة للباترونا

لم يمض وقت طويل على تنصيب حكومة اليوسفي حتى انكشفت بجلاء طبيعة المصالح الطبقية التي تدافع عنها. فكل ما تدعيه من إرادة في التغيير تكذبه الإجراءات الفعلية التي تقوم بها لصالح أعداء الشعب الكادح. ففي مجال التشغيل، جهدت هذه الحكومة وأصرت على تقديم كل التنازلات للباطرونا إيمانا منها بأن تشجيع الاستثمار هو وحده الكفيل بخلق فرص الشغل. لكن على حساب من؟ فالاستثمار رهين بالأرباح التي يحققها. والأرباح رهينة بتقليص عدد المستخدمين وبتخفيض الأجور وكل التحملات الاجتماعية، وبالزيادة في وثيرة العمل. علينا إذن أن نسمح بتكثيف الاستغلال وبتوسيع دائرة البطالة وأن نزيد من بؤس العمال لتنشيط المقاولة! هذا هو منطق حكومة التغيير: تجويع الكادحين وتركيعهم لضمان أرباح الرأسماليين. وقد يلح على الإسراع بالمصادقة على مشروع مدونة الشغل دفاعا عن ليونة الشغل.
وفي الوقت التي تعمل فيه هذه الحكومة يدا في يد مع كونفدرالية الباترونا همشت الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين واكتفت معها بسلسلة من الوعود الزائفة دون أن تعترف حتى بوجودها كإطار ينظم مئات الألوف من حاملي الشهادات العاطلين. ويتجلى هذا أساسا في الضجة التي أحدثتها بخصوص ما يسمى ببرنامج التكوين من أجل الإدماج. فقد عبرت جمعيتنا عن رفضها المطلق لهذا البرنامج لأنه لا يقوم سوى بإهداء يد عاملة مؤهلة في طبق من ذهب إلى الباطرونا. لكن مع بداية شتنبر، تفاجئنا الحكومة، بعد أن تنكرت لوعودها بعقد لقاء مع الجمعية بعد العطلة الصيفية، بإصدار قانون جديد يحمل رقم 98-13 (10 شتنبر 1998) بصدد التكوين من أجل الإدماج. وهذا القانون يعكس اجتهادات الحكومة لتفادي ثغرات قانون 1993، ومرة أخرى لصالح الباطرونا.
ينص هذا القانون في مادته الأولى أنه يغير ويتمم ظهير 16. 93. 1  (23 مارس 1993) الذي يتعلق بتحديد تدابير لتشجيع المنشآت التي تقوم بتدريب الحاصلين على بعض الشهادات بقصد التكوين من أجل الإدماج. ويبدأ بالتأكيد على تغيير عبارة (التكوين من أجل الإدماج) بعبارة (التأهيل لممارسة مهنة من المهن). إنه حرص قانوني شديد يقدم تنازلات إضافية للباطرونا حيث أن القانون الأول لا يلزم بتاتا بتشغيل المتدربين بعد انتهاء فترة تدريبه، إلاّ أن عبارة (التكوين من أجل الإدماج) قد توحي بتناقض مع ذلك وقد تعد تنازلا لجمعيتنا التي تلح على ربط التكوين بالإدماج. لذا وجب تغييرها بعبارة (التأهيل لممارسة مهنة من المهن) التي تنسجم بالكامل مع مضمون البرنامج.
أمّا المادة الثانية فقد حذفت التقنيين أو الحاصلين على شهادة التأهيل المهني ونصت على أن يختار المتدربون فقط من بين الحاصلين على شهادة من شهادات التعليم العالي أو على باكالوريا التعليم الثانوي أو شهادة تعادلها. لماذا استثني التقنيون من هذا التدريب ولو أنه لا يضمن للمتدربين سوى بطالة مؤكدة بعد أن يقدم سنتين إضافيتين من عمره مجانا لخدمة المقاولة؟ لمنح حرية مطلقة للباترونا في استغلال المتدرب كيفما يشاء. فالمادة الثالثة تنص على أن لا يجري تشغيل المتدربين سوى في مهام كفيلة بضمان تكوينهم وإدماجهم المهني بالنظر إلى تكوينهم الأصلي. وتنص المادة السادسة على أن يبرم عقد التدريب بين المشغل والمتدرب يحدد تعيين المتدرب والالتزامات التي يخضع لها هكذا فالتقني أو الحاصل على شهادة تأهيل مهني قد يفرض على الباطرون أن يشغله في مهام محددة وفق طبيعة تكوينه كما أن من شأن هذا أن يكشف زيف ادعاء الباطرونا بأن طبيعة التكوين لا تلاءم مصالح المقاولة ومتطلباتها. لذا حصر التدريب في شهادات عامة تمكن الباطرون بأن يضرب بعرض الحائط تكوين المتدرب وأن يشغله في أية مهام ترغب فيها مقاولته. وأكثر من هذا، أضافت المادة الثانية بأن التدريب يمكن أن يقتصر على الحاصلين على أصناف الشهادات الذين تعترض صعوبات خاصة إدماجهم في الحياة الخاصة، بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية المشتركة بين الوزارات. إنها صيغة جد فضفاضة، وهي بمثابة متنفس إضافي للباطرونا تلجأ إليه إذا ما كثرت عليها طلبات الألوف من حملة الشهادات العاطلين، وهي أيضا رغبة صريحة لدى الحكومة في زرع روح التفرقة والمنافسة بين أصناف حاملي الشهادات. ورغبة عبر عنها عليوة بصراحة إثر لقائه مع الدكاترة المعتصمين.
كما أضافت المادة الثانية بأنه في جميع الحالات ومن أجل الاستفادة من التدريب يجب أن يكون الراغبون في التدريب مسجلين لدى المصالح التابعة لوزارة التشغيل في العمالات والأقاليم باعتبارهم يبحثون عن فرصة عمل. إنه حرص الحكومة على أن تضع لوائح تمنحها لوزارة الداخلية لكي تفرز منها ممن تسميهم بالمشاغبين، أي مناضلي الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين. وتمنع ارتباطهم بالعمال في المقاولات، وأن لا تقدم للباطرونا سوى متدربين خنوعين.
وبخصوص المنافع التي قدمها القانون للباطرونا أي الإعفاء من تسجيل المتدربين من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومن الضريبة على التكوين المهني، فقد رفع سقف مبلغ المنحة الشهرية عن التدريب المعفى عنه من 2600 درهم إلى 4500 درهم. وإن كان هذا تشجيعا للباترونا، فإنها محاولة إغراء دوي الشهادات الدراسات العليا أن يقبلوا بفتات الرأسماليين.
وقد نعمت الحكومة بكل سخائها على الباطرونا بأن زادت من هذه المنافع حتى في حالة التوظيف النهائي للمتدرب. فالباطرون معفى من أي تحمل اجتماعي خلال مدة سنة تبتدئ من تاريخ إبرام عقد العمل عندما يتعلق الأمر بتوظيف نهائي لمتدربين حاصلين على شهادات التعليم العالي أو على الباكالوريا وسنتين بالنسبة للحاصلين على أصناف شهادات تعترض صعوبات خاصة إدماجها في الحيات النشيطة، بشرط أن لا يزيد مبلغ الأجرة المدفوعة على 4500 درهم إذن أربع سنوات عمل مؤهل شبه – مجانية للباطرونا وسنتين من الاستغلال المضاعف للمعطل وحتى وان أهلته فللعمل سنتين إضافيتين وفق شروط باطرونا متخلفة ومتعجرفة.
هذا هو إذن القانون الذي وقع عليه بالعطف عبد الرحمان اليوسفي بعد أن اجتهد خبراء حزبه الليبراليين وعلى رأسهم خالد عليوة على تنقيح كل صيغة بشكل يزيد كل لبس بصدد هدفه في توفير يد عاملة مؤهلة للرأسماليين لاستغلالهم على شكل عبيد.
إن هذا القانون ليس إلاّ تطبيقا عمليا لذلك الفصل من مدونة الشغل المتعلق بعقد التدريب من أجل الإدماج المهني. وهو تحايل صريح تهدف من ورائه حكومة المدافع عن حقوق الإنسان لتطبيق تدريجي للمدونة المشئومة حتى تصبح أمرا واقعا يجعل الشغيلة في وضع دفاعي هش. وهذا ما عبر عنه المغرور بنفسه خالد عليوة عندما أراد أن يلطف سخافة هذا القانون وليبرر الأكذوبة الجديدة لخلق 25 ألف شغل في السنة لما قال: «لن يكفي هذا القانون لخلق 25 ألف منصب شغل في السنة وتلبية 100 ألف طلب شغل في ظرف أربع سنوات. بلوغ هذا الهدف يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات، ونحن بصدد تهيئها…لأننا نعمق تفكيرنا نحو الإطار البنيوي للوساطة وحول مسألة تسيير الليونة» (الحياة الاقتصادية. 31/07/1998). إنه إذن تطمين للباترونا بصدد رغبة الحكومة الحالية على تلبية مطالب الباطرونا وعلى رأسها ليونة الشغل الذي يشرعه مشروع المدونة الحالي. أمّا مئات الألوف من المعطلين، فلتذهب إلى الجحيم.
إن جمعيتنا ترفض بالكامل هذه المدونة التي تكرس شريعة الغاب الرأسمالي وستناضل ضد تمريرها العملي الذي يجسده القانون الجديد بصدد التأهيل من أجل الإدماج. لقد افتضح أمر حكومة اليوسفي بكونها نصبت لتسهر على تنفيذ توصيات الإمبريالية تحت شعار التناوب والتغيير، وتشكل ستارا على ما تقوم به الطبقات الحاكمة من نهب وفساد في البلاد. إنها تقف إلى جانب جلادي الشعب لتكسير حركة المعطلين وخداعه. وقد عملت على ضرب حصار رهيب على نضالات الجمعية وعلى القمع الوحشي والمحاكمات التي طالت العشرات من مناضليها وتنصلت من كل وعودها للمعطلين.
إن جمعيتنا ستعمل على خلق جبهة للنضال ضد البطالة تؤسس على أرضية مواجهة عملية لكل التشريعات والقوانين، وعلى رأسها مدونة الشغل، التي تريد هذه الحكومة أن تحمل من خلالها أعباء الأزمة للجماهير الكادحة وتسمح للباطرونا بمراكمة الأرباح.
لا لعقد التدريب. نريد عقد الشغل.
لا لمنحة التدريب. نريد أجرا يضمن كل ضروريات الحياة.
نطالب بتسجيلنا كعاطلين في الصندوق الضمان الاجتماعي على حساب الدولة.
ك.ب.
13/10/1998





[1]  - ظهير 20 فبراير 1990
[2]  - ظهير 20 فبراير 1990
[3] - أنظر المادة الثالثة من ظهير 20 فبراير 1990
[4]  - الدورة الأولى: مارس 1991، الثانية: أكتوبر 91، الثالثة: فبراير 93، الرابعة: يناير 95، الخامسة: يناير 96، السادسة: فبراير 97.
[5] - تصدر أغلب هذه المنشورات باللغتين العربية والفرنسية، متقنة الإخراج والطبع.
[6] - حوار مع الحبيب المالكي: مجلة عالم التربية. العدد الخامس –خريف 1997.
[7] - راجع موضوع  «البطالة : أسبابها وأشكالها». المعطل المكافح. العدد الأول، أبريل 1996.
[8] - روزا لوكسمبورغ: الاقتصاد السلعي والعمل المأجور، دليل المناضل، ص. 133-134 التشديد من عندنا.
[9] - - روزا لوكسمبورغ: الاقتصاد السلعي والعمل المأجور، دليل المناضل، ص. 139
[10] - حوار مع الحبيب المالكي، جريدة الاتحاد الاشتراكي 05/10/1991
[11] - حوار مع الحبيب المالكي. جريدة العلم 19/11/1995
[12] - إلغاء الديون مطلب من مطالب ج.و.ح.ش.م.م. «إلغاء الديون الخارجية ورصد كل الأموال وساعات العمل المترتبة عن العملية لخلق مناصب شغل من شأنها المساهمة في الحد من البطالة». التصور العام للمؤتمر الرابع. مارس 1997.
[13] - حسب إحصائيات 1992 تمثل فوائد الديون قرابة 50% من عائدات الصادرات.
[14] - مجلة عالم التربية. مرجع سابق.
[15] - هناك ظاهرة جد مقلقة تتمثل في ارتفاع عدد المنتحرين في صفوف الشباب حاملي الشهادات المعطلين.
[16] - لم يسبق للمالكي أن تفوه باسم الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعلين بالمغرب مبديا مكرا كبيرا في التحايل على كل من يسأله عن وجود الجمعية وعن نضالاتها. كما يحاول دائما أن ينكر وجودها حين يعتبر أن جميع المنظمات الشبابية التي لها انتماء سياسي هي ممثلة داخل المجلس مؤكدا أنه يتحاور فقط «مع المنظمات الممثلة داخل المجلس». الاتحاد الاشتراكي 02/04/1993







=======================================================================

وكالات السمسرة في اليد العاملة:
خدمة جديدة للرأسمال وعدوان على الكادحين.

يوم 08/09/1998 صادق المجلس الحكومي على إحدى اتفاقيات المنظمة العالميةالمصادقة عليهاأمر لا يتعلق بتلك الاتفاقيات التي ظلت الدولة المغربية تعاند في المصادقة  عليها لأنها توفر بعض الحقوق الطفيفة للعمال ، بل باتفاقية ستفتح الباب للسمسرة في اليد العاملة وبالتالي تدمر جزءا من مناصب الشغل الحالية. إن الأمر يهم سوق النخاسة التي ستطلق فيها الحكومة الحالية حرية السمسرة في المال وتساهم في إضفاء عدم الاستقرار على الشغل لتفاقم بذلك أوضاع الأجراء التي بلغت مستوى يفوق طاقة تحملهم.ولذا فمن المرتقب أن يناقش برلمان الزور حرية السمسرة في العمال ليصد القانون الخاص بذلك.





السمسرة في اليد العاملة  توطيد لعدم استقرار الشغل

تجدر الإشارة أولا إلى أن ما أقدمت عليه الحكومة خطوة جبارة في خدمة سماسرة قوة العمل وعموم الرأسماليين فمنذ 27 شتنبر 1921 صدر قانون يلغي المكاتب الخصوصية للتشغيل ويحدث مكاتب عمومية. وفي 07 ماي 1940 صدر ظهير جعل الواسطة في التشغيل احتكارا للدولة عبر تنظيم طلبات وعروض الشغل وتنظيم التحاق الأجراء بالمناصب الملائمة وذلك عبر مكاتب التشغيل. وكان من بين أوجه تصاعد الهجوم البرجوازي على الشغيلة أن شهدت السنوات الأخيرة تكاثرا لوكالات السمسرة في اليد العاملة ضدا على القانون، بعد أن أصدرت وزارة التشغيل مذكرة ترمي إلى تجميد عمل مكاتب التشغيل وألغيت هذه في عدة أقاليم والتزمت الحكومات المتعاقبة الصمت تاركة الظاهرة تتسع بل وفتح المجال لشركات متعددة الجنسية أقامة فروع لها في المغرب. إذ رغم العقوبات التي ينص عليها القانون بخصوص من ينشأ وكالات السمسرة توجد أكثر من 20 شركة للعمل المؤقت 3 منها فروع لشركات متعددة الجنسية وهي منظمة في إطار ما يسمى بالإتحاد المغربي لمقاولات العمل المؤقت U M E T T وظلت منظمات الرأسمالية وصحافتهم تطالب بالترخيص لتلك الوكالات، لتتوفر حرية التصرف في قوة العمل كبضاعة. ومن النماذج الأخيرة ما كتبته جريدة الحياة الاقتصادية يوم 12 يونيو 1998: «كل وسائل جيدة لتقليص تكاليف بدأ بإلغاء مناصب الشغل بوقت كامل التي لا ضرورة لطابعها الدائم.» مضيفة أن الشركات التي ستحل هذا المشكل قائمة لكنها تواجه إكراها كبيرا هو غياب نص قانوني.
هكذا إذن سيعمل أرباب العمل لإعادة النظر في مناصب الشغل لتحويلها إلى وقت عمل جزئي واللجوء إلى وكالات السمسرة التي ستوفر ما يجب من يد عاملة لبضع ساعات أو حتى لنصف ساعة في اليوم. سيفتح المجال لإضفاء طابع عدم الاستقرار على الشغل ومع ذلك لا تخجل صحافة الوزير الأول في ادعاء أن «صدور القانون سيساهم في تحريك فرص الشغل.» إنها تقصد بذلك أن المعطلين سيكونون خزانا ليد عاملة لوكالات السمسرة ويكون شباب المغرب المعطل عرضه لعدم استقرار في العمل وبالتالي في حياته برمتها. بهذا تكون حكومة التناوب المزيفة وفية بوعودها بالتغيير. إنها تنجز التغيير في اتجاه مزيد من الخدمات والهدايا للرأسمال الذي فتك بعمال المغرب وأوصلهم إلى حافة المجاعة. إن انزلاق المعارضة السابقة وسقوطها في أحضان المخزن بلغ مستوى ابتعادها حتى عن مناصريها بالأمس. فمن قبل كان صحافة السيد اليوسفي مفتوحة لرجل القانون المشفق على بؤس العمال السيد عبد العزيز العاتقي لينتقد ما جاء به مشروع مدونة الشغل عام 1995 بخصوص الواسطة في التشغيل. فتحت عنوانا : «تنظيم سوق العمل: خوصصة جديدة» كتب الأستاذ المذكور في جريدة الإتحاد الاشتراكي (22/02/96) : «أمّا ما سيترتب عن إنشاء هذه الوكالات فقد لا يخفى على أحد لأن هذه الوكالات، التي ستسير طبعا وفق منطق القطاع الحر، ليست ملزمة باحترام معايير التشغيل التي تستوجب اعتبار الكفاءة وتحريم التمييز بمختلف أشكاله. وفي هذه الحالات كيف يمكن ضمان احترام المادة 08 من المدونة التي تحرم التمييز بكل أشكاله في ميدان التشغيل والعمل».
أما اليوم فإن حكومة اليوسفي تلجأ إلى التحايل لتشرع في تطبيق مدونة الشغل، التي رفضها العمال، بأن أخرجت منها ما يهم السمسرة في العمال لتجعل منه قانونا قائما بذاته. إن ما أقدم عليه اليوسفي وفريقه تحد واستفزازا للمنظمات العمالية. ففي التعديلات التي اقترحتها الكونفدرالية الديموقراطية للشغل بخصوص مشروع المدونة، نجدها تطالب بإلغاء الفصول 109 و110 و111 المتعلقة بما يسمى بـ«المقاول في توريد اليد العاملة» وهي أحد أشكال السمسرة في اليد العاملة. واستندت المركزيات النقابية المقربة من اليوسفي في رفضها على أن «ذلك ينطوي على نوع من الاستغلال غير المبرر لليد العاملة ونوعا من الوساطة في التشغيل التي تنافس احتكار الدولة». والسؤال المطروح حاليا هو: هل سيلتزم الأموي بهذا الموقف أم أنه سينظم إلى معسكر أعداء العمال بمبرر «تفادي إفشال التناوب»؟



أمّا الاتحاد المغربي للشغل فقد عبر عن موقفه في مذكرته حول مشروع مدونة الشغل قائلا: «بدل منع مؤسسات الوساطة في اليد العاملة المؤقتة كما طالبت مركزيتنا بذلك فإن مشروع مدونة الشغل يضفي الشرعية على السمسرة في مجال اليد العاملة التي ظهرت خارج أي نطاق قانوني في السنوات الماضية، والتي تستهدف تخلص المؤسسات من العمال المؤقتين ومن أعباء ترسيمهم عبر اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت التي تشغل بدورها عمالا لهم وضعية هشة وغريبة: الانفصام بين المقاول الذي يؤدي أجور العمال وصاحب المؤسسة المستفيد مباشرة من خدماتهم».
إن ركض الحكومة لخدمة الرأسمال دليل أن اليوسفي قد وضع شعار «التحرير الديموقراطية الاشتراكية» ضمن ذكرياته المزعجة. فاشتراكية حزب اليوسفي التي ليست غير رأسمالية يقوم فيها قطاع الدولة بدور هام في خدمة الرأسمال، وضعت في الأرشيف. وشرع المجاهد اليوسفي في خوصصة سوق الشغل. وهو بذلك يصبح على يمين حتى حراس القانون البورجوازي. فرجل قانون لا يزعم أنه يدافع عن العمال كتب يقول: «إن هذا النظام [نظام مكاتب الشغل الخصوصية] بالإضافة إلى احتوائه على أضرار بأطراف العلاقة الشغلية، لما قد يقوم به الوسيط من مهاودة على العمل بالنسبة للأجير أو أجير مختص مثلا بالنسبة للمؤسسة، فهو يضر بالمصلحة الوطنية، لأن في التركيز على مؤسسة واحدة وذلك من حيث توجيه الأجراء نحو المؤسسات الأكثر نفعا. فاحتكار الدولة لهذه المكاتب سيسهل عليها مراقبة ومعرفة السياسة الواجب إتباعها وكذلك حماية الأجراء من المكاتب الحرة التي كانت تعمل بالمقابل.» محمد سعيد بناني. قانون الشغل بالمغرب الجزء 1، ص 142.




السمسرة في اليد العاملة إجهاز على حق الإضراب:

انتزعت الشغيلة المغربية حق الإضراب بكفاحات عقود من الزمن وصانت هذا الحق رغم محاولات البرجوازية ودولتها مصادرته. وبين الفينة والأخرى تتعالى أصوات البورجوازيين لإلغاء حق الإضراب أو تقليصه بدعوى التقنين. ويستعمل الفصل 288 من القانون الجنائي لسجن العمال المضربين معرقلا بذلك حرية الإضراب. وهاهو الترخيص لوكالات السمسرة في اليد العاملة جاء بدوره ليمس بحرية الإضراب. ونترك السيد اليوسفي وجها لوجه مع صديقه العتيقي. يقول هذا الأخير: «لهذه المقاولات (مقاولات التشغيل المؤقت) تاريخ في العلاقات مع ممارسة حق الإضراب وذلك أن بعض المقاولات المتخصصة في تزويد المؤسسات باليد العاملة يكون تدخلها مرغوبا ومطلوبا بإلحاح في حالة الإضراب من أجل تكسيره وإضعاف شوكته عن طريق تشغيل عمال مؤقتين وإلى حين فك أو انتهاء مدة الإضراب.» [جريدة الاتحاد الاشتراكي 22/02/96].
لقد تنفست شركات السمسرة في اليد العاملة الصعداء وابتهجت لآفاق الربح الوفير لما توصلت بهدية المجلس الحكومي ليوم 08/09/1998. وسيكون بإمكان أي باترون أن يعوض العمال المضربين بعمال مؤقتين توفرهم شركات السمسرة في البشر الكادح. لكن البرجوازية تريد حرية مطلقة أي استعبادا مطلقا لنقيضها الطبقة العاملة. لذا تركز الحملة المعادية لحقوق العمال حاليا على حرية الاعتصام في أماكن العمل واعتباره شكلا غير قانوني للإضراب. فقد خصت صحيفة الإيكونوميست ملفا في عددها ليوم 21/10/1998 لتهاجم حق الاعتصام باسم الدفاع عن حق الملكية وملوحة بالفصل 288 من القانون الجنائي. فهل ستستجيب الحكومة بإصدار قانون يمنع الاعتصام في وقت تطالب فيه المنظمات النقابية والحقوقية بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي؟ هل سيسير اليوسفي في ركب ادريس البصري الذي فك اعتصام تقنيي الطيران منبها إلى أن الاعتصام غير قانوني؟ ذلك غير مستبعد. فالحكومة الحالية تلزم الصمت إزاء المليشيات التي يجندها أرباب العمل مدعومة بالكلاب البوليسية لفك اعتصامات العمال. كما أنها لا تتردد في استعمال قوات السيمي ضد المعطلين المطالبين بحقهم في الشغل.
هل هذا ما أعدته حكومة التناوب المزيف لعمال المغرب؟ هل هذا الدافع إلى قبول الزيف والكذب على الجماهير بدعوى إنقاذ البلد؟ إن الإجراءات، من قبيل إطلاق حرية السمسرة في البشر، سيبدد الضباب الذي ينشره الديمقراطيون المزيفون ويفتح أعين الكادحين على النوايا الحقيقية للمتناوبين في خدمة المخزن. وعلى الكادحين عمالا ومعطلين وشبابا ونساء أن يعدوا عدتهم للدفاع عن النفس، فحكومة اليوسفي تعتبر ما تقوم به من عدوان على الكادحين مجرد فترة انتقالية والويل كل الويل بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
-مشروع مدونة الشغل الذي يجهز على حقوق العمال ويجعلهم فريسة للباترونا يسرحهم حسب هواه.
-الزج بالعمال المضربين في السجن تطبيقا للفصل 288.
-تسريح قسم من أجراء الوظيفة العمومية بدعوى الفائض وإهداء الشباب حملة الشواهد بأقل كلفة لأرباب العمل بدعوى «التكوين من أجل الإدماج».
-تقديم كل التسهيلات والهدايا للرأسمال.
-الإجهاز على صندوق دعم أسعار المواد الأساسية للشعب وتعميق مسلسل خوصصة الخدمات العمومية من تعليم وصحة واتصالات، الخ.
هذه هي «الثورة الهادئة» التي شرع اليوسفي في القيام بها لصالح أعداءنا نحن الكادحين: أي لصالح البرجوازية المحلية ولصالح المؤسسات الإمبريالية من صندوق نقد دولي وبنك عالمي.
فلا للسماسرة في اليد العاملة.
ولا لعدم استقرار الشغل.
ولا للمس بحرية الإضراب.
ولتتوحد كل القوى المناضلة عمالا ومعطلين وطلبة وتلاميذ ونساء ضد حكومة البرجوازيين وصندوق النقد الدولي.

ص.ط. 18/10/98

كلنا نناضل لإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي
حول ما يسمى عرقلة حرية العمل



=================================================================




التكوين التأهيلي يصل إلى الباب المسدود

تلقى 192 مجازا ومجازة تكوينا إضافيا في إطار ما يسمى ببرنامج «التكوين التأهيلي» التي طبلت له الدولة كإحدى إجراءاتها العملية للحد من بطالة حاملي الشهادات التي ترجعها إلى عدم ملائمة تكوينهم لحاجيات سوق الشغل.
لقد استهدفت الدولة من هذا البرنامج:
-1) ضرب قيمة الشهادات المحصل عليها
-2) صرف نظر المعطلين عن الأسباب الحقيقية لبطالتهم
-3) تأهيل المعطل لكي يكون موقعه في سوق الشغل متميز وليس الحصول على الشغل المباشر والقار بعد التكوين.
بعد سنة من التكوين وجد 192 مستفيدا من هذا البرنامج بأكادير نفسهم في وضعية الانطلاق: البطالة مجددا. إلاّ أنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل اتصلوا بمركز التوجيه والإرشاد الذي يشرف على البرنامج لكنهم لم يحصلوا على شيء سوى الوعود الزائفة بإيجاد شغل وفي الأخير تنكر مدير المركز للمسؤولية وتلقوا نفس الرد من الولاية. الآن هم في وضعية هشة.
اتصل الفرع المحلي بهؤلاء المستفيدين مند علمه بوضعيتهم وبمكان اجتماعهم، لكنه طرد من الاجتماع لأن هؤلاء المعطلين فضلوا أن يناضلوا لوحدهم أو اعتقدوا بالفعل أن تكوينهم يؤهلهم من غيرهم لنيل منصب شغل: لقد ابتلعوا كذبة الدولة المسمومة.
لكن قناعتنا بكون النضال وحده هو الطريق لفرض حقنا في الشغل وأن وحدة كل المعطلين السبيل لذلك فإن فرعنا لا زال يتابع ويناقش مع المعنيين كل إمكانيات العمل المشترك.