لماذا هذه المدونة؟

نضع بين أيديكم في هذه المدونة محتويات الأعداد الستة من نشرة فرع أكادير "المعطل(ة) المكافح(ة)" وهي تدل على المجهود الإعلامي الذي بدله الفرع للمساهمة في خلق إعلام كفاحي تقوده الجمعية الوطنية. كما يأتي هذا الإصدار للتأكيد مرة أخرى على ضرورة استمرار النضال من أجل بناء جمعية للمعطلين جماهيرية كفاحية مستقلة والعمل من أجل النضال المشترك مع كل ضحايا البطالة ومن أجل توفر جمعيتنا على إعلام كفاحي ومستقل يرفع عنها الحصار ويكون منبرا لنقاشنا الداخلي. كما نجدد التأكيد أن لا مستقبل لجمعيتنا في غياب ترسيخ تقاليد الديموقراطية الداخلية.


الأربعاء، 1 دجنبر 2010

خلاصات أولية في تقييم مسار الجمعية والمهام


خلاصات أولية في تقييم مسار الجمعية والمهام.
تقديم:
مع اقتراب المؤتمر الخامس المزمع عقده في مارس 1999، تطرح ضرورة تقييم أداء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعلين بالمغرب على أساس التصور العام للمؤتمر الرابع الذي شكل خطوة نوعية اتجاه البحث عن تشكيل ميزان قوى مع الشرائح الباطنية في مجتمعنا لفرض تنازلات فعلية للحكومات البرجوازية، لا نقصد بالتقييم سردا كرونولوجيا ولو نقديا لمختلف المحطات النضالية، بل تحليلا عميقا للإشكالات الكبرى الموضوعية والذاتية التي جعلت الجمعية تدخل في سيرورة تراجع عن روح التصور العام للمؤتمر الرابع باحثة عن توافقات ستؤدي بها في الأخير إلى الارتماء في أحضان «الإجماع الوطني حول التشغيل».
لا يمكن لفرع واحد أن يقوم بمثل هذا التقييم الإجمالي والدقيق، وأنه لابد من تشكيل ورشات جماعية بين مناضلي الفروع لمحاربة النزعة التوافقية المفسدة التي لا تخدم سوى مصالح الطبقات الحاكمة التي أفقرت جماهير الشعب الكادح ووضعتها في وضعية بطالة مرمنة.
ليست هذه الورقة تقييما شاملا، لكنها تتضمن بعض الخلاصات العامة التي قد تشكل أرضية أولية تكون نقطة الانطلاق لتحديد أشكال عملية لتنسيق عملنا لبلورة برنامج عمل ملموس لبناء جمعية للمعطلين جماهيرية، كفاحية ومستقلة، وتقتصر هذه الخلاصات على الفترة التي بدأ فيها التناوب المزعوم وصولا إلى المشاركة في الندوة الوطنية للتشغيل مرورا بمسيرة أكتوبر.
من «التعاطي الإيجابي» مع حكومة اليوسفي إلى المشاركة في مناظرة التشغيل!
1) رابط المعارك «بفرض الحوار!»
إن إحدى مميزات تجربة القيادة الحالية للجمعية تمكن في افتقادها لتقييم ملموس لتجربة حكومة التناوب ولموازين القوى والمهام التي تفرضها، وكذا في غياب منطق ربط المبادرات بتحليل دقيق للوضعية العامة وبتحديد الخطوات على المدى القريب والمتوسط والبعيد فقرارات المجالس الوطنية وخطوات المكتب التنفيذي منذ تنصيب حكومة التناوب المزعوم تنم بالأحرى عن رد فعل سيكولوجي على عدم اكثرات «الحكومة الديموقراطية» بـ«النوايا الحسنة» التي أبانت عليها الجمعية.
فبعد الوقفة الاحتجاجية ليوم 25 مارس 1998، التي استغلتها كل وسائل الإعلام المأجورة لإبراز «الوجه الديموقراطي الجديد»، أصدر المكتب التنفيذي بلاغا بعد اللقاء الذي جمعه بوزير التشغيل في بداية أبريل عبر فيه عن «ارتياحه الكبير للنتائج التي أسفر عليها اللقاء» وعن «استعداده التام للتعاون المشترك والتعامل الإيجابي من أجل إيجاد الحلول الملائمة لمحاربة آفة عطالة حاملي الشهادات».
وفي نفس السياق سيقرر المجلس الوطني المنعقد في أواخر أبريل تعليق المعركة الوطنية لـ 2 ماي.
هذه المغازلة تستمد جذورها من موقف كان سائدا لفترة طويلة في صفوف الجمعية: اعتبار أحزاب الكتلة أحزابا: «وطنية ديموقراطية» وبالتالي اعتبارها «حليفا» نتعامل معه بكل لطف واستجداء.
لكن كل هذا سيصطدم بالتصريح الحكومي الذي عرى بالكامل حكومة تفتقد لكل سلطة ونصبت لتضفي لونا جديدا على سياسة تحميل أعباء الأزمة لشرائح الجماهير الشعبية الكادحة.
هذا ما سيدفع إلى اتخاذ قرار معركة 3 يونيو لجعل الحكومة «تبتعد عن الشعارات والوعود الكاذبة»! لكن عوض أن تقوم قيادة الجمعية بمسايرة روح التجدر التي أبان عنها حجم المشاركة نفسها (حوالي 3 آلاف عاطل) وتربط المعركة بتحقيق مطالب ملموسة وواضحة، كسرت ذلك الاستعداد النضالي لدى القاعدة بفك الاعتصام بعد أن «فرض الحوار» هذا مع العلم أن الحكومة طرحت مخططها الجهنمي لـ«حل» بطالة حاملي الشهادات: برنامج «التكوين من أجل الإدماج» الذي يقدم يدا عاملة مؤهلة في طبق من ذهب لباطرونا متخلفة ومتعجرفة.
هكذا إذن تشكل «جلسة الحوار» لـ 17 يونيو مع الدجال عليوة بحضور الجلاد البصري مسرحية شكل المكتب التنفيذي خشبتها، والتي ستتكرر بشكل كاريكاتوري بعد أن أجل البصري مرتين (!) اللقاء المقرر في 23 شتنبر مرسلا إليه في الأخير بيدقه التولالي. لماذا قبل المكتب التنفيذي بهذه السلسلة من التأجيلات الغير المبررة (06، 23، 24 شتنبر) والتي يستعملها العدو الطبقي لربح الوقت وقياس ردود الفعل المحتملة؟ هل هذا هو هدف وحصيلة المعارك المحلية والجهوية التي تمت الدعوة إلى القيام بها خلال الصيف؟ ثم ما الذي تنتظره القيادة من هذا اللقاء، خصوصا وأن قانون الميزانية كان واضحا ووقحا في عدم تخصيص أي منصب من 12 ألف منصب شغل للمعطلين؟ لتقول في الأخير للقواعد «أن الحوار لم يفض إلى نتائج مهمة»!.
هكذا إذن تنزلق قيادة الجمعية عن مضمون التصور العام للمؤتمر الرابع بربط المعارك بـ«فرض الحوار». كان عليها أن تدفع بخلق ديناميكية نضالية كامنة موضوعيا أبانت عليها المعارك البطولية لعدد من الفروع، والبحث عن تشكيل تحالفات مع الشرائح الكادحة التي أبنان التضامن الجماهيري الواسع مع المعارك المحلية والمركزية لجمعيتنا عن إمكانيتها الملموسة لجعل الحكومة في وضع هش تضطر معه إلى تقديم حد أدنى من التنازلات الحقيقية. لكنها سقطت في فخ المنطق السائد الذي ينادي بـ«التوافق» و«الحوار».

2) مسيرة 26-27 أكتوبر الوطنية: هي أيضا «من أجل فرض الحوار»

وضع قرار المسيرة الوطنية الحكومة في وضعية ارتباك قصوى لما له من أهمية حاسمة على تجربة «التناوب» ككل. وفجر تمسك القيادة بقرار المسيرة الوطنية آمالا كبيرة لدى قواعد الجمعية التي كانت تعتبرها محطة نوعية تسمح للجمعية بتجاوز منطق الحوارات الفارغة وتشكيل رأس حربة النضال الجماهيري على غرار مثيلاتها بأوروبا كما فجر طابعها الشعبي حماس قطاعات واسعة من الحركات الجماهيرية والشعبية التي اعتبرتها فرصة ملموسة نحو العمل لتشكيل جبهة اجتماعية للنضال ضد البطالة لكن الإحباط الذي عقب المعركة كان أعمق بكثير. وتنفست الحكومة المزيفة الصعداء بعد أن تأكدت أنها إزاء قيادة لم تمنح لمعركتها أي مدلول تصعيدي قد يهدد «السلم الاجتماعي». لم يكن التهيء في مستوى القرار. فلم يقم المكتب التنفيذي بكسر الحصار الإعلامي المطبق منذ ما يزيد عن 15 يوما. كما أن عدد مناشر المشاركة التي تم توزيعها في الأحياء الشعبية الاستراتيجية بمدينة الرباط هزيلا جدا (لا يتجاوز حوالي 1500 منشور)، أمّا اليومين المحددين للمسيرة (الاثنين والثلاثاء) فيمنعان المشاركة الشعبية الواسعة وخصوصا المأجورين.
لم ينادي المكتب التنفيذي بعقد مجلس التنسيق الوطني يوم السبت أو الأحد (24 أو 25 أكتوبر) لوضع آخر الترتيبات وكل السيناريوهات المحتملة، ومعرفة مدى مشاركة الفروع وحجم مشاركتها الأمر الذي كان وراء الإرتباك الذي تلا قمع المسيرة. كما أنه لم يقم بالدعوة إلى عقد دورة استثنائية لمجلس التنسيق الوطني كيفما كان حجم الحضور بعد إطلاق المعتقلين لتدارس ما العمل؟
كانت بعض الفروع تطرح ضرورة تصعيد النضال لكن ليس مركزيا لأن مقوماته منعدمة بل تحويل المسيرة إلى معارك محلية تتوج بمسيرات جهوية لحشد الطاقات وكسب التجربة في أفق مسيرة وطنية أخرى يجب التمسك بها وتحديد تاريخ لها. كما ألحت على عدم الجلوس مع أي كان من الحاكمين في حوار أو ما شابهه، أدى غياب كل هذا إلى بلبلة الفروع التي عادت فاقدة لأي بوصلة.
وكانت ردود فعل القيادة دون مستوى شراسة القمع. فعوض أن يعطي المكتب التنفيذي أرقام المعطوبين والكسور ويزيد من تحسيس الرأي العام بوحشية الهجوم ويهجم على الصحافة المأجورة والمزورة للأحداث دخل في متاهات أرقام الوظيفة العمومية والتدابير الحكومية التي كشف القمع زيفها عمليا. وعوض أن يهجم على الحكومة أو يكشف طبيعتها كجلاد آخر بلون جديد ليشحذ سخط جماهير المعطلين يندهش «لموقف الحكومة التي يرأسها حقوقي ذي سمعة دولية في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان…»! ويتمسك بـ«الحوار الجاد لكي لا يتكرر الإثنين الأسود»! ومن المثير للسخرية أنه في الصفحة المقابلة لاستجواب الرئيس مع جريدة «النشرة» ينادي أحمد السنوسي الجرئ «ضحايا الظلم والمنع والقمع بأن ينتفضوا». والأنكى من هذا أنها ومرة أخرى يجلس أعضاء المكتب التنفيذي مع البصري وعليوة في «جلسة حبية» في وقت مازالت فيه جروح المعطلين تسيل دما!.
إن جو الإحباط العام الذي خلقه سلوك قيادة الجمعية وتلاعبها بنضالات الجماهير بمنحها للمسيرة الشعبية أفق «الحوار» السخيف، قد زاد من تدهور موازين القوى لصالح حكومة الباطرونا ومن وضعية الحصار المفروض على نضالات الجمعية وخطواتها. وهذا ما سيساعد الحكومة على الأخذ بزمام المبادرة للدفع بسيرورة «التوافق»/ الانصياع إلى أقصاها، وهو ما تجسد في إلغاء وقفة 10 دجنبر ومشاركة الجمعية في مناظرة التشغيل.

3) المشاركة في مناظرة التشغيل

سؤال بديهي يطرح نفسه: ما الذي دفع بالدولة إلى تنظيم هذه المناظرة؟ وما الغرض منها. إن تاريخ الاضطهاد السياسي بالمغرب يساعدنا على الجواب. فكلما تبين عدم نجاعة القمع الصريح إزاء حركة اجتماعية منغرسة ومتجدرة تهدد «السلم الاجتماعي» في ظل وضعية متأزمة، إلاّ وسارع النظام باحتوائها عبر السعي إلى تنظيم «إجماع وطني» بنزع المشروعية من الأشكال النضالية الكفيلة بفرض تنازلات فعلية.
كانت الجمعية تشكل مصدر خوف دائم للحكم الذي يضرب لها ألف حساب وحساب لحجم القاعدة التي تأثر عليها (أكثر من نصف مليون معطل، وشاب فوق ذلك ولطابعها الكفاحي. لكن قيادتها أبانت عن ضعف حقيقي في مواجهة نظام استطاع أن يضمن مشاركتها في «إجماع وطني حول التشغيل» لتزيين واجهته مرة أخرى مع مراكز القرار الإمبريالية.
وليست تبريرات مشاركتها مقنعة بالبث والمطلق، فالمكتب التنفيذي، رغم وعيه بهدف المناظرة الذي هو «الالتفاف حول الحركات الاحتجاجية العارمة التي أصبحت تكتسيها نضالات جمعية حاملي الشهادات المعطلين» أكد على أن المشاركة كانت من أجل:
-«تثبيت تمثيليتها كجمعية وطنية وتثبيت مشروعيتنا العملية والقانونية من الناحية الشكلية».
-«الدفاع عن مواقفنا ومن أجل طرح مطالبنا ومقترحات الجمعية».
إن هذا التناقض بين الوعي بأهداف المناظرة والمشاركة فيه يكشف عن منزلق قيادة الجمعية بشكل عام: لقد دفعها تعاملها الضيق مع المعارك عبر ربطها فقط بفرض «الحوار» إلى اعتبار هذه المعارك غير ذي جدوى وبالتالي الميل إلى سياسة «التشاور» رغم الإحساس بضعف نتائجها. وفي كل هذا يحكمها منطق الحصول على مكتسبات مادية وهو أمر صحيح. لكن كيف سننزع مكاسب من حكومة لم تعد تتوفر على أدنى هامش مادي للمناورة؟ هل بتشكيل تهديد نضالي فعلي «للسلم الإجتماعي» وخلق ميزان قوى في الأسفل، أم بالمشاركة في ندوة يؤطرها خبراء البنك الإمبريالي المسؤول مع وكلائه المحليين على نهب هذا البلد وتجويع شعبه؟ علاوة على أن مشاركة المكتب التنفيذي في هذه الندوة يعد قرارا إنفراديا وضربا للديموقراطية الداخلية في الوقت الذي كانت الإمكانية متوفرة للدعوة لمجلس وطني استثنائي لحسم الموقف باعتباره جهازا تقريريا (إنعقد يوم 10 دجنبر بدل المجلس الوطني لقاء «تشاوريا» شكليا مع رؤساء الفروع).
لقد تأكد المنحى التراجعي الذي تسير فيه قيادة الجمعية عن مضمون وروح التصور  العام الأخير، ولا بد من التفكير في صده على الأقل للحفاظ على بعض المكاسب النضالية التي راكمتها هذه التجربة الفتية. ومن هنا تطرح مهمة تاريخية على المناضلين في محاربة هذا الانزلاق نحو استبطان منطق «التوفق» والعمل على إحياء روح الكفاح والنضال التي تتسم بها مبادرات الجمعية.

ما العمل؟
1) إعداد برنامج عمل يقوم على:
- تحليل الوضعية السياسية العامة وموازين القوى الحالية.
- تقييم إجمالي وجماعي لمسار الجمعية على ضوء التصور العام للمؤتمر الرابع.
- تحديد الخطة النضالية والشعارات التي سترفعها الجمعية في الفترة الحالية.
- وضع ملف مطلبي دقيق وواضح يفرض الإجابة بنعم أو لا؟.
2) وضع أشكال عملية للتنسيق بين الفروع:
- توزيع مهام إعداد برنامج عمل وفق المحاور أعلاه وتنظيم لقاءات لتقييم حصيلة العمل.
- تنسيق المعارك المحلية والجهوية وتنظيم أشكال التضامن وتبادل الأرشيف.
3)العمل على إصدار النشرة المركزية وجعلها أداة لإدارة النقاش بين مناضلي الفروع ومنبر مفتوح للإعداد للمحطات النضالية.
4) الإعداد للمؤتمر الوطني الخامس عبر:
* إضافة ملاحق للتصور العام:
- ملحق لتقييم مسار الجمعية
- ملحق البرنامج النضالي
- ملحق الملف المطلبي
* إضافة ملحق للمقررات التنظيمية: تصور وبرنامج عمل اللجن الوظيفية الوطنية.
* تنظيم ندوات محلية وجهوية لتعميق النقاش حول مشاريع الأوراق التي ستقدم للمؤتمر، واشراك أكبر عدد من المعطلين في بلورة الخط العام للجمعية.
5)تحويل دعوة الجمعية المشاركة في لجن مناهضة مشروع مدونة الشغل إلى برنامج عملي للفروع تشرف عليه لجنة وطنية للمتابعة.
6)العمل من أجل تشكيل لجن مناهضة «التكوين الإندماجي» بالجامعة.
7)الإعداد لمسيرة وطنية مركزية تحت شعار «لنناضل جميعا من أجل اسقاط مدونة الشغل وإقرار الحق في الشغل والتنظيم» وفق خطة نضالية محورها تفعيل لجن المناهضة ومسيرات محلية وجهوية.
دجنبر 98.

ليست هناك تعليقات: